قوله : ٩ - ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ قرأ الجمهور اقتتلوا باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين كقوله ﴿ هذان خصمان اختصموا ﴾ والضمير في قوله بينهما عائد إلى الطائفتين باعتبار اللفظ وقرأ ابن أبي عبلة اقتتلتا اعتبارا بلفظ طائفتان وقرأ زيد بن علي وعبيد بن عمير [ اقتتلا ] وتذكير الفعل في هذه القراءة باعتبار الفريقين أو الرهطين والبغي : التعدي بغير حق والامتناع من الصلح الموافق للصواب والفيء : الرجوع والمعنى : أنه إذا تقاتل فريقان من المسلمين فعلى المسلمين أن يسعوا بالصلح بينهم ويدعوهم إلى حكم الله فإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على الأخرى ولم تقبل الصلح ولا دخلت فيه كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية حتى ترجع إلى أمر الله وحكمه فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها وأجابت الدعوة إلى كتاب الله وحكمه فعلى المسلمين أن يعدلوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا الصواب المطابق لحكم الله ويأخذوا على يد الطائفة [ الظالمة ] حتى تخرج من الظلم وتؤدي ما يجب عليها للأخرى ثم أمر الله سبحانه المسلمين أن يعدلوا في كل أمورهم بعد أمرهم بهذا العدل الخاص بالطائفتين المقتتلتين فقال :﴿ وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ﴾ أي واعدلوا إن الله يحب العادلين ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء قال الحسن وقتادة والسدي ﴿ فأصلحوا بينهم ﴾ بالدعاء إلى حكم كتاب الله والرضى بما فيه لهما وعليهما ﴿ فإن بغت إحداهما ﴾ وطلبت ما ليس لها ولم ترجع إلى الصلح ﴿ فقاتلوا التي تبغي ﴾ حتى ترجع إلى طاعة الله والصلح الذي أمر الله به