الذي في بطنك أنثى - والأنثى عورة - فكيف تصنعين ؟ فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم يعني تقبل مني ما نذرت لك
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى والأنثى عورة ثم قالت وإني سميتها مريم وكذلك كان اسمها عند الله وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم يعني الملعون فاستجاب الله لها فلم يقربها الشيطان ولا ذريتها عيسى
قال ابن عباس " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كل ولد آدم ينال منه الشيطان يطعنه حين يقع بالأرض بأصبعه لما يستهل لا ما كان من مريم وابنها لم يصل إبليس إليهما قال ابن عباس : لما وضعتها خشيت حنة أم مريم أن لا تقبل أنثى محررة فلفتها في الخرقة ووضعتها في بيت المقدس عند القراء فتساهم القراء عليها لأنها كانت بنت إمامهم وكان إمام القراء من ولد هارون
أيهم يأخذها فقال زكريا - وهو رأس الأحبار - أنا آخذها وأنا أحقهم بها لأن خالتها عندي - يعني أم يحيى - فقال القراء : وإن كان في القوم من هو أفقر إليها منك ؟ ولو تركت لأحق الناس بها تركت لأبيها ولكنها محررة غير أن نتساهم عليها فمن خرج سهمه فهو أحق بها فقرعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفل مريم يعني أيهم يقبضها فقرعهم زكريا
وكانت قرعة أقلامهم أنهم جمعوها في موضع ثم غطوها فقالوا لبعض خدم بيت المقدس من الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم : أدخل يدك فأخرج قلما منها فأدخل يده فأخرج قلم زكريا فقالوا : لا نرضى ولكن نلقي الأقلام في الماء فمن خرج قلمه في جرية الماء ثم ارتفع فهو يكفلها
فألقوا أقلامهم في نهر الأردن فارتفع قلم زكريا في جرية الماء فقالوا : نقترع الثالثة فمن جرى قلمه مع الماء فهو يكفلها
فألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريا مع الماء وارتفعت أقلامهم في جرية الماء وقبضها عند ذلك زكريا
فذلك قوله وكفلها زكريا يعني قبضها ثم قال فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا يعني رباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها حتى ترعرعت وبنى لها زكريا محرابا في بيت المقدس وجعل بابه في وسط الحائط لا يصعد إليها إلا بسلم