ومن كل الدواب وخلقا عظيما فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ذكر لنا أن الكوكب الذي رأى الزهرة طلعت عشاء قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين علم أن ربه دائم لا يزول فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي رأى خلقا أكبر من الخلق الأول فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر أي أكبر خلقا من الخلقين الأولين وأبهى وأنور
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن إبراهيم عليه السلام أن أول ملك ملك في الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح وكانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها أربعة
بن كنعان وسليمان بن داود وذو القرنين وبختنصر
مسلمين وكافرين وأنه طلع كوكب على نمرود ذهب بضوءالشمس والقمر ففزع من ذلك فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن ذلك ! فقالوا : يخرج من ملكك رجل يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك وكان مسكنه ببابل الكوفة فخرج من قريته إلى قرية أخرى وأخرج الرجال وترك النساء وأمر أن لا يولد مولود ذكر إلا ذبحه فذبح أولادهم
ثم أنه بدت له حاجة في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبا إبراهيم فدعاه فأرسله فقال له : انظر لا تواقع أهلك
فقال له آزر أنا أضن بديني من ذلك فلما دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن وقع عليها ففر بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة يقال لها ادر فجعلها في سرب فكان يتعهدها بالطعام وما يصلحها وإن الملك لما طال عليه الأمر قال : قول سحرة كذابين ارجعوا إلى بلدكم فرجعوا وولد إبراهيم فكان في كل يوم يمر به كأنه جمعة والجمعة كالشهر من سرعة شبابه ونسي الملك ذاك وكبر إبراهيم ولا يرى أن أحدا من الخلق غيره وغير أبيه وأمه فقال أبو إبراهيم لأصحابه : إن لي ابنا وقد خبأته فتخافون عليه الملك إن أنا جئت به ؟ قالوا : لا فائت به
فانطلق فأخرجه فلما خرج الغلام من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق فجعل يسأل أباه فيقول : ما هذا ؟ فيخبره عن البعير أنه بعير وعن البقرة أنها بقرة وعن الفرس أنها فرس وعن الشاة أنها شاة
فقال : ما لهؤلاء بد من أن يكون لهم رب
وكان خروجه حين خرج من السرب بعد غروب الشمس فرفع رأسه إلى السماء