وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما فوقع أبوه على أمه فعلقت خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وأخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس - وعنده نفر من أهل الكتاب - فقال بعضهم : إن نوفا يزعم عن أبي بن كعب أن موسى النبي الذي طلب العلم إنما هو موسى بن ميشا فقال ابن عباس : كذب نوف
حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلىالله عليه وسلم :" أن موسى بني إسرائيل سأل ربه فقال : أي رب إن كان في عبادك أحد أعلم مني فدلني
قال : نعم في عبادي من هو أعلم منك فنعت له مكانه فأذن له في لقيه فخرج موسى ومعه فتاه ومعه حوت مليح قد قيل : إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت حاجتك
فخرج موسى ومعه فتاه ومعه ذلك الحوت يحملانه فسار حتى جهده السير وانتهى إلى الصخرة وإلى ذلك الماء ماء الحياة من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي
فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلقا فلما جاوزا قال موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال الفتى وذكر أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها فإذا رجل ملتف في كسائه فسلم موسىعليه فرد عليه ثم قال له : ما جاء بك ؟ إن كان لك في قومك لشغل ؟ قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا
قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك فقال موسى : بلى
قال : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا أي أن ما تعرف ظاهرا ما ترى من العدل ولم تحط من علم الغيب بما أعلم ؟ قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا وإن رأيت ما يخالفني قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق منها فسألا أهلها أن يحملوهما فحملوهما فلما اطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها أخرج منقارا له ومطرقة ثم عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى


الصفحة التالية
Icon