فقد خصمك وإنه احتج عليك بحجة قوية
فلما قر قرار إدريس في الجنة وألزمه الله دخولها قبل الخلائق عجت الملائكة إلى ربهم فقالوا : ربنا خلقت خلقتنا قبل ؟ إدريس بكذا وكذا ألف سنة - ولم نعصك طرفة عين وإنما خلقت إدريس منذ أيام قلائل فأدخلته الجنة قبلنا ؟ فأوحى الله إليهم : يا ملائكتي إنما خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وجعلت فيها لذتكم ولم أجعل لكم لذة في مطعم ولا مشرب ولا في شيء سواها وقويتكم عليها وجعلت في الأرض الزينة والشهوات واللذات والمعاصي والمحارم وإنه اجتنب ذلك كله من أجلي وآثر هواي على هواه ورضاي ومحبتي على رضاه ومحبته فمن أراد منكم أن يدخل مدخل إدريس فليهبط إلى الأرض فليعبدني بعبادة إدريس ويعمل بعمل إدريس فإن عمل مثل إدريس أدخله مدخل إدريس وإن غير أو بدل استوجب مدخل الظالمين
فقالت الملائكة : ربنا لا نطلب ثوابا ولا تصيبنا بعقاب رضينا بمكاننا منك يا رب وفضيلتك إيانا
وانتدب ثلاثة من الملائكة : هاروت وماروت وملك آخر رضوا به فأوحى الله إليهم :" أما إذا اجتمعتم على هذا فاحذروا إن نفعكم الحذر فإني أنذركم اعلموا أن أكبر الكبائر عندي أربع :- فما عملتم سواها غفرته لكم وإن عملتموها لم أغفر لكم "
قالوا وما هي ؟ قال : أن لا تعبدوا صنما ولا تسفكوا دما ولا تشربوا خمرا ولا تطؤوا محرما
فهبطوا إلى الأرض على ذلك فكانوا في الأرض على مثل ما كان عليه إدريس : يقيمون أربعة ايام في سياحتهم وثلاثة أيام يعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى عبادة الله تعالى وطاعته
حتى ابتلاهم الله بالزهرة وكانت من أجمل النساء فلما نظروا إليها افتتنوا بها - لما ؟ أراد الله ولما سبق عليهم في علمه مع خذلان الله إياهم - فنسوا ما تقدم إليهم فسألوها نفسها
قالت لهم : نعم ولكن لي زوج لا أقدر على ما تريدون مني إلا أن تقتلوه وأكون لكم
فقال بعضهم لبعض : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكن نفعل هذا مع هذا ثم نتوب من هذا كله
فلما أحس الثالث بالفتنة عصمه الله من ذلك كله بالسماء فدخلها فنجا وأقام هاروت وماروت لما كتب عليهما فنشدا على زوجها فقتلاه
فلما أراداها قال قالت ؟ : لي صنم أعبده وأنا أكره معصيته وخلافه فإن أردتما فاسجدا له سجدة واحدة
فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ حرما ولكنا نفعله ثم نتوب من


الصفحة التالية
Icon