فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء مثل ذلك وليس له بالطريق علم الأحسن ظنه بربه فإنه قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل القصص آية ٢٢ ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان القصص آية ٢٣ يعني فلم تسقيا غنمهما قال : ما خطبكما القصص آية ٢٣ معتزلتين لا تسقيان مع الناس ؟ قالتا : ليست لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم فسقى لهما القصص آية ٢٤ فجعل يغرف في الدلو ماء كثيرا حتى كانتا أول الرعاة فراغا - فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما وانصرف موسى إلى شجرة فاستظل بها فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ز فاستنكر أبو الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا وقال : إن لكما اليوم لشأنا : فحدثتاه بما صنع موسى
فأمر إحداهما أن تدعوه له فأتته فدعته
فلما كلمه قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين القصص آية ٢٥ ليس لفرعون ولا لقومه علينا سلطانا ولسنا في مملكته
قالت ابنته : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين القصص آية ٢٦ فحملته الغيرة أن قال : وما يدريك ما قوته ؟ وما أمانته ؟ قالت : أما قوته : فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه حين سقى لنا : وأمانته : فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت له فلما علم أني امرأة صوب رأسه ولم يرفعه ولم ينظر إلي حين أقبلت إليه حتى بلغته رسالتك
فقال لي : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فلم يقل هذا إلا وهو أمين
فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت
فقال : هل لك أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك القصص آية ٢٧ ففعل وكانت على موسى ثماني حجج واجبة وكانت سنتان عدة منه فقضى الله عدته فأتمها عشرا
قال سعيد : فسألني رجل من أهل النصرانية من علمائهم : هل تدري أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا
وأنا يومئذ لا أعلم
فلقيت ابن عباس فذكرت له الذي قال النصراني فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا واجبة ؟ لم يكن موسى لينتقص منها وتعلم أن الله تعالى كان قاضيا عن موسى عدته