$ الجزء الأول الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : لَمَّا ضَرَبَ بَنُو إسْرَائِيلَ الْمَيِّتَ بِتِلْكَ الْقِطْعَةِ مِنْ الْبَقَرَةِ قَالَ : دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ ; فَتَعَيَّنَ قَتْلُهُ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ : دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ بِهَذَا، وَقَالَ مَالِكٌ : هَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ : دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مَقْبُولٌ وَيُقْسِمُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ : كَانَ هَذَا آيَةً وَمُعْجِزَةً عَلَى يَدِي مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ < ٤٠ > قُلْنَا : الْآيَةُ وَالْمُعْجِزَةُ إنَّمَا كَانَتْ فِي إحْيَاءِ الْمَيِّتِ، فَلَمَّا صَارَ حَيًّا كَانَ كَلَامُهُ كَسَائِرِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ كُلِّهِمْ فِي الْقَبُولِ وَالرَّدِّ، وَهَذَا فَنٌّ دَقِيقٌ مِنْ الْعِلْمِ لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ إلَّا مَالِكٌ. وَلَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمُقْسِطِ فِي ذِكْرِ الْمُعْجِزَاتِ وَشُرُوطِهَا، فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّمَا قَتَلَهُ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآيَةِ. قُلْنَا : لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ وَجَبَ صِدْقُهُ، فَلَمَّا أَمَرَهُمْ بِالْقَسَامَةِ مَعَهُ، أَوْ صَدَّقَهُ جِبْرِيلُ فَقَتَلَهُ مُوسَى بِعِلْمِهِ، كَمَا قَتَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد، بِالْمُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ بِإِخْبَارِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ بِذَلِكَ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ كُبْرَى قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَوْضِعِهَا. وَرَوَى مُسْلِمٌ، وَفِي الْمُوَطَّإِ، وَغَيْرِهِ، { حَدِيثَ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ قَالَ فِيهِ : فَتَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ فَقَالَ