$ الجزء الأول الْآيَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ، لُبَابُ الْكَلَامِ فِيهَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَنَّ الْوِجْهَةَ هِيَ هَيْئَةُ التَّوَجُّهِ كَالْقِعْدَةِ بِكَسْرِ الْقَافِ : هَيْئَةُ الْقُعُودِ، وَالْجِلْسَةِ : هَيْئَةُ الْجُلُوسِ، وَفِي الْمُرَادِ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْأَدْيَانِ ; الْمَعْنَى لِأَهْلِ كُلِّ مِلَّةٍ حَالَةٌ فِي التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ ; رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. الثَّانِي : أَنَّ الْمَعْنَى لِكُلٍّ وِجْهَةٌ فِي الصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَفِي الصَّلَاةِ إلَى الْكَعْبَةِ ; قَالَهُ قَتَادَةُ. الثَّالِثُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ لِأَهْلِ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ الْآفَاقِ وِجْهَةٌ مِمَّنْ < ٦٦ > بِمَكَّةَ وَمِمَّنْ بَعُدَ، لَيْسَ بَعْضُهَا مُقَدَّمًا عَلَى الْبَعْضِ فِي الصَّوَابِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي وَلَّى جَمِيعَهَا وَشَرَعَ جُمْلَتَهَا، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَارِضَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْمُعَايَنَةِ، فَإِنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي الْقَصْدِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ. وَقُرِئَ : هُوَ مُوَلَّاهَا، يَعْنِي الْمُصَلِّيَ ; التَّقْدِيرُ : الْمُصَلِّي هُوَ مُوَجَّهٌ نَحْوَهَا، وَكَذَلِكَ قَبْلُ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ هُوَ مُوَلِّيهَا ; إنَّ الْمَعْنَى أَيْضًا أَنَّ الْمُصَلِّيَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ نَحْوَهَا ; وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، وَأَشْهَرُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْخَبَرِ.
$ مستوى٤ مَسْأَلَةُ الْمُبَادَرَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ إلَى الطَّاعَاتِ


الصفحة التالية
Icon