مَا بَعْدَهَا فَضْلًا، أَوْ لَمْ يُوعِبْ فِي الْوَاحِدَةِ وَلَا فِي الِاثْنَتَيْنِ حَتَّى زَادَ عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْمَاءِ وَحَالِ الْأَعْضَاءِ فِي النَّظَافَةِ وَتَأْتِي حُصُولُ التَّلَطُّفِ فِي إدَارَةِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عَلَيْهَا، فَيُشْبِهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِهِ بِأَنْ يُكَرِّرَ لَهُمْ الْفِعْلَ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُوعِبَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، فَجَرَى مَعَ اللُّطْفِ بِهِمْ وَالْأَخْذِ لَهُمْ بِأَدْنَى أَحْوَالِهِمْ إلَى التَّخَلُّصِ ; وَلِأَجْلِ هَذَا لَمْ يُوَقِّتْ مَالِكٌ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثًا إلَّا مَا أَسْبَغَ. قَالَ : وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ فِي التَّوْقِيتِ، يُرِيدُ اخْتِلَافًا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ مَعْنَى الْإِسْبَاغِ لَا صُورَةُ الْأَعْدَادِ، وَقَدْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، وَيَدَهُ بِغَرْفَتَيْنِ، لِأَنَّ الْوَجْهَ ذُو غُضُونٍ وَدَحْرَجَةٍ وَاحْدِيدَابٍ، فَلَا يَسْتَرْسِلُ الْمَاءُ عَلَيْهِ فِي < ٧٨ > الْأَغْلَبِ مِنْ مَرَّةٍ بِخِلَافِ الذِّرَاعِ فَإِنَّهُ مُسَطَّحٌ فَيَسْهُلُ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَإِسَالَتُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهِ. فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ ﴿ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَرَّةً، وَقَالَ : هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ ﴾. ﴿ وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ آتَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ ﴾. { ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا


الصفحة التالية
Icon