$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ خَمْسِينَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾ : فِي التَّيَمُّمِ، فَأَدْخَلَ الْبَاءَ فِيهِ، كَمَا أَدْخَلَهَا فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ بِرُءُوسِكُمْ ﴾ ; وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، لِيُبَيِّنَ وُجُوبَ الْمَمْسُوحِ بِهِ ; وَأَكَّدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :﴿ مِنْهُ ﴾ وَقَدْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَلَكِنَّهُ تَأْكِيدٌ لِلْبَيَانِ. < ٨٠ > وَزَعَمَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ قَوْلَهُ ﴿ مِنْهُ ﴾ إنَّمَا جَاءَ لِيُبَيِّنَ وُجُوبَ نَقْلِ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ ; وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ عَلَى التُّرَابِ لَا عَلَى الْحِجَارَةِ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا : إنَّمَا أَفَادَتْ ﴿ مِنْهُ ﴾ وُجُوبَ ضَرْبِ الْأَرْضِ بِالْيَدَيْنِ ( التَّيَمُّم )، فَلَوْلَا ذَلِكَ وَتَرَكْنَا ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لَجَازَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الصَّعِيدِ وَضَرْبِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ بِالْيَدَيْنِ إلَى الْأَرْضِ، وَلَكِنَّهُ أَكَّدَ بِقَوْلِهِ ﴿ مِنْهُ ﴾ لِيَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ تَعَبُّدًا، ثُمَّ ضَرَبَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ بِهِمَا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَقَرَّرْنَا أَنَّ الصَّعِيدَ وَجْهُ الْأَرْضِ كَيْفَمَا كَانَ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : فَإِنْ قِيلَ : فَبَيِّنُوا لَنَا بَقِيَّةَ الْآيَةِ. قُلْنَا : أَمَّا قَوْلُهُ :﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾ وَحُكْمُ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَالْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ وَلَمْسِ النِّسَاءِ وَعَدَمِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَلَا


الصفحة التالية
Icon