أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ لِمَالِكٍ. الثَّانِي : أَنَّهَا الزِّنَا وَالسَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ ; قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الثَّالِثُ : أَنَّهُ الْمُجَاهِرُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْمُكَابِرُ بِاللُّصُوصِيَّةِ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ ; قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ. الرَّابِعُ : أَنَّهُ الْمُجَاهِرُ فِي الطَّرِيقِ لَا فِي الْمِصْرِ ; قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَطَاءٌ. < ٩٥ > الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : فِي التَّنْقِيحِ : أَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَسَاقِطٌ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنْ يَفْعَلهُ مُجَاهَرَةً مُغَالَبَةً، فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْحَشُ فِي الْحِرَابَةِ. قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَلَقَدْ كُنْت أَيَّامَ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ قَدْ رُفِعَ إلَيَّ قَوْمٌ خَرَجُوا مُحَارِبِينَ إلَى رُفْقَةٍ، فَأَخَذُوا مِنْهُمْ امْرَأَةً مُغَالَبَةً عَلَى نَفْسِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُ فِيهَا فَاحْتَمَلُوهَا، ثُمَّ جَدَّ فِيهِمْ الطَّلَبُ فَأُخِذُوا وَجِيءَ بِهِمْ، فَسَأَلْتُ مَنْ كَانَ ابْتَلَانِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْمُفْتِينَ، فَقَالُوا : لَيْسُوا مُحَارِبِينَ ; لِأَنَّ الْحِرَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الْفُرُوجِ. فَقُلْت لَهُمْ : إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، أَلَم تَعْلَمُوا أَنَّ الْحِرَابَةَ فِي الْفُرُوجِ أَفْحَشُ مِنْهَا فِي الْأَمْوَالِ، وَأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَيَرْضَوْنَ أَنْ تَذْهَبَ أَمْوَالُهُمْ وَتُحْرَبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهمْ وَلَا يُحْرَبُ الْمَرْءُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهِ، وَلَوْ كَانَ فَوْقَ مَا قَالَ اللَّهُ عُقُوبَةٌ لَكَانَتْ لِمَنْ يَسْلُبُ الْفُرُوجَ، وَحَسْبُكُمْ مِنْ بَلَاءٍ صُحْبَةُ الْجُهَّالِ، وَخُصُوصًا فِي


الصفحة التالية
Icon