لِأَخْذِهِ الْمَالَ، وَرِجْلُهُ لِإِخَافَتِهِ السَّبِيلَ، وَهَذِهِ عُمْدَةُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَيْنَا، وَخُصُوصًا أَهْلَ خُرَاسَانَ مِنْهُمْ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ لَا يَقُولُهَا مُبْتَدِئٌ. أَمَّا قَوْلُهُمْ : كَيْف يُسَوَّى بَيْنَ مَنْ أَخَافَ السَّبِيلَ وَقَتَلَ، وَبَيْنَ مَنْ أَخَافَ السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ، وَقَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ الزِّيَادَةُ الْعُظْمَى، وَهِيَ الْقَتْلُ ؟ قُلْنَا : وَمَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْجَرِيمَتَيْنِ فِي الْعُقُوبَةِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَفْحَشَ مِنْ الْأُخْرَى ؟ وَلِمَ أَحَلْتُمْ ذَلِكَ ؟ أَعَقْلًا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ أَمْ شَرْعًا ؟ أَمَّا الْعَقْلُ فَلَا مَجَالَ لَهُ فِي هَذَا، وَإِنْ عَوَّلْتُمْ عَلَى الشَّرْعِ فَأَيْنَ الشَّرْعُ ؟ بَلْ قَدْ شَاهَدْنَا ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ ; فَإِنَّ عُقُوبَةَ الْقَاتِلِ كَعُقُوبَةِ الْكَافِرِ، وَإِحْدَاهُمَا أَفْحَشُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ : لَوْ اسْتَوَى حُكْمُهُمَا لَمْ يَجُزْ إسْقَاطُ الْقَتْلِ عَمَّنْ أَخَافَ السَّبِيلَ وَلَمْ يَقْتُلْ، كَمَا لَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ عَمَّنْ أَخَافَ وَقَتَلَ. قُلْنَا : هَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْكُمْ ; فَإِنَّ الَّذِي يُخِيفُ وَيَقْتُلُ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَعَيُّنِ الْقَتْلِ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ مُخَالَفَتُهُ. أَمَّا إذَا أَخَافَ وَلَمْ يَقْتُلْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَمَحَلُّ اجْتِهَادٍ، فَمِنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى الْقَتْلِ حَكَمَ بِهِ، وَمَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى إسْقَاطِهِ أَسْقَطَهُ ; وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ قَالَ مَالِكٌ : وَلْيَسْتَشِرْ لِيَعْلَمَ الْحَقِيقَةَ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَطُرُقِ الِاجْتِهَادِ لِئَلَّا يُقْدِمَ عَلَى جَهَالَةٍ كَمَا أَقْدَمْتُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ الْقَتْلَ


الصفحة التالية
Icon