بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾. < ١٠٩ > وَقِيلَ : إنَّ هَذَا مَجَازٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِسَرِقَةِ الْقَلِيلِ سَرَقَ الْكَثِيرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ; فَبِهَذَا تَنْتَظِمُ الْأَحَادِيثُ، وَيَجْتَمِعُ الْمَعْنَى وَالنَّصُّ فِي نِظَامِ الصَّوَابِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : وَمِنْهُ كُلُّ مَالٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ ( مُتَعَلِّق الْمَسْرُوق ) ; لِأَنَّهُ يُبَاعُ وَيُبْتَاعُ وَتَمْتَدُّ إلَيْهِ الْأَطْمَاعُ، وَتُبْذَلُ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَمْوَالِ. وَشُبْهَةُ أَبِي حَنِيفَةَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّغَيُّرِ وَالْفَسَادِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِيهِ لَمَا لَزِمَ الضَّمَانُ لِمُتْلِفِهِ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : وَمِنْهُ كُلُّ مَا كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ( مُتَعَلِّق الْمَسْرُوق ) ; كَجَوَاهِرِ الْأَرْضِ وَمَعَادِنِهَا، وَشِبْهِ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحَ الْأَصْلِ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، فَتَنْتَصِبُ إبَاحَةُ أَصْلِهِ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ. قُلْنَا : لَا تَضُرُّ إبَاحَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ إذَا طَرَأَ التَّحْرِيمُ، كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ قَوْمٍ، فَإِنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْد خُلُوصِهَا لِأَحَدِهِمْ، وَلَا تُوجِبُ الْإِبَاحَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ شُبْهَةً. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرِ وَلَا كَثَرٍ إلَّا مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ﴾. رَوَاهُ قَلِيلَهْ وَأَبُو دَاوُد. وَانْفَرَدَ قَلِيلَهْ :{ وَلَا فِي


الصفحة التالية
Icon