إلَى مَنْ لَا قَدْرَ لَهُ، فَلِذَلِكَ أَعْرَضْت عَنْ ذِكْرِهِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ لِعَدَمِ الْحِرْزِ فِيهِ، فَلَمَّا لَمْ يَهْتِكْ حِرْزًا لَمْ يُلْزِمْهُ أَحَدٌ قِطْعًا.
$ مستوى٤ مَسْأَلَة الْجَمَاعَةَ إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ يَد رَجُلٍ
$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ :[ حُكْمُ الشَّرِيكِ ] : لَمَّا ثَبَتَ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي الْقَطْعِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى إخْرَاجِ نِصَابٍ مِنْ حِرْزِهِ ; فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ، أَوْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجَهُ إلَّا بِتَعَاوُنِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِالتَّعَاوُنِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ جَمِيعُهُمْ بِاتِّفَاقٍ مِنْ عُلَمَائِنَا. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْرِجهُ وَاحِدٌ وَاشْتَرَكُوا فِي إخْرَاجِهِ فَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : لَا قَطْعَ فِيهِ. وَالثَّانِي : فِيهِ الْقَطْعُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ الْمُشْتَرِكُونَ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَجِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّصَابِ وَمَحَلِّهِ حِينَ لَمْ يَقْطَعْ إلَّا مِنْ سَرَقَ نِصَابًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يَسْرِقْ نِصَابًا، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ. وَدَلِيلُنَا : الِاشْتِرَاكُ فِي الْجِنَايَةِ لَا يُسْقِطُ عُقُوبَتَهَا، كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْقَتْلِ، وَمَا أَقْرَبَ مَا بَيْنَهُمَا ; فَإِنَّا قَتَلْنَا الْجَمَاعَةَ بِقَتْلِ الْوَاحِدِ، صِيَانَةً لِلدِّمَاءِ،