$ الجزء الثاني وَبَيَانُ مَا قُلْنَا مِنْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ( السَّارِق ) أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَثِيرًا مَآلُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ تُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ خَاصَّةً، وَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ ; قَالَهُ عَطَاءٌ. الثَّانِي : أَنَّهُ تَقْطَعُ الْيُسْرَى وَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي رِجْلِ رَجُلٍ ; قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. الثَّالِثُ : تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى ; قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ فَلَيْسَ عَلَى غَلَطِهِ غِطَاءٌ ; فَإِنَّ الصَّحَابَةَ قَبْلَهُ قَالُوا خِلَافَهُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾، فَجَاءَ بِالْجَمْعِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَقْوَالِ النُّحَاةِ قُلْنَا : ذَلِكَ يَكُونُ تَأْوِيلًا مَعَ الضَّرُورَةِ إذَا جَاءَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، فَيُرْجَعُ إلَيْهِ، فَبَطَلَ مَا قَالَهُ. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ، ﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلِصٍّ فَقَالَ : اُقْتُلُوهُ. قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; إنَّمَا سَرَقَ. قَالَ : اقْطَعُوا يَدَهُ. قَالُوا : ثُمَّ سَرَقَ فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ، ثُمَّ سَرَقَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ فَقُطِعَتْ يَدُهُ حَتَّى قُطِعَتْ قَوَائِمُهُ كُلُّهَا ﴾. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ