$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : إذَا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ كَمَا قَدَّمْنَا حَلَّتْهَا الْكَفَّارَةُ أَوْ الِاسْتِثْنَاءُ، وَكِلَاهُمَا رُخْصَةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. فَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ : إنَّهُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ نَسْقًا عَلَيْهَا لَا يَكُونُ مُتَرَاخِيًا عَنْهَا. الثَّانِي : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ : يَكُونُ مُقْتَرِنًا بِالْيَمِينِ اعْتِقَادًا أَوْ بِآخِرِ حَرْفٍ مِنْهَا، فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَاسْتَثْنَى لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ. الثَّالِثُ : أَنَّهُ يُدْرِكُ الْيَمِينَ الِاسْتِثْنَاءَ [ وَلَوْ ] بَعْدَ سَنَةٍ ; قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَةِ إلَى قَوْلِهِ :﴿ مُهَانًا ﴾ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ عَامٍ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا مَنْ تَابَ ﴾. وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هَلْ يَحِلُّ الْيَمِينَ بَعْدَ عَقْدِهَا [ أَوْ يَمْنَعُهَا مِنْ الِانْعِقَادِ ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِحِلِّ الْيَمِينِ ] ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ إنِّي وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهَ ﴾ [ فَجَاءَ ] فِيهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَفْظًا فَكَذَلِكَ يَكُونُ عَقْدًا. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَخَارِجٌ عَنْ اللُّغَةِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا مَنْ تَابَ ﴾ فَإِنَّ الْآيَتَيْنِ كَانَتَا مُتَّصِلَتَيْنِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي لَوْحِهِ ; وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ