وَرَحَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ قاشه، وَخَرَجَ إلَى بَابِ الْحَلْبَةِ طَرِيقِ خُرَاسَانَ، وَتَقَدَّمَهُ الْكَرِيُّ بِالدَّابَّةِ، وَأَقَامَ هُوَ عَلَى فَامِيٍّ يَبْتَاعُ مِنْهُ سُفْرَتَهُ ; فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَاوِلُ ذَلِكَ مَعَهُ إذْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفَامِيٍّ آخَرَ : أَيْ فُلَ، أَمَا سَمِعْت الْعَالِمَ يَقُولُ يَعْنِي الْوَاعِظَ : إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يُجَوِّزُ الِاسْتِثْنَاءَ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ، لَقَدْ اشْتَغَلَ بَالِي بِذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ سَمِعْته يَقُولُهُ : وَظَلَلْتُ فِيهِ مُتَفَكِّرًا ; وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا لَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَيُّوبَ :﴿ وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾. وَمَا الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ حِينَئِذٍ : قُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ ؟ فَلَمَّا سَمِعْته يَقُولُ ذَلِكَ قُلْت : بَلَدٌ يَكُونُ الْفَامِيُّونَ بِهِ مِنْ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ أَخْرُجُ عَنْهُ إلَى الْمَرَاغَةِ ؟ لَا أَفْعَلُهُ أَبَدًا ; وَاقْتَفَى أَثَرَ الْكَرِيِّ، وَحَلَّلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ، وَصَرَفَ رَحْلَهُ. وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
$ مستوى٤ مَسْأَلَة هَلْ الْأَفْضَلِ اسْتِمْرَار الْبَرِّ فِي الْيَمِين أَوْ الحنث إلَى الْكَفَّارَة