$ الجزء الثاني < ١٧١ > الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ قَوْمٌ : الْأَصْلُ فِي الصَّيْدِ التَّحْرِيمُ، وَالْإِبَاحَةُ فَرْعُهُ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَنْعَكِسُ فَيُقَالُ : الْأَصْلُ فِي الصَّيْدِ الْإِبَاحَةُ وَالتَّحْرِيمُ فَرْعُهُ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، وَلَا دَلِيلَ يُرَجَّحُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ بِهِ. وَنَحْنُ نَقُولُ : لَا أَصْلَ فِي شَيْءٍ إلَّا مَا أَصَّلَهُ الشَّرْعُ بِتِبْيَانِ حُكْمِهِ وَإِيضَاحِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ مِنْ حِلٍّ أَوْ تَحْرِيمٍ، وَوُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ كَرَاهِيَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ لِمَا أَكَلَهُ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ، حَتَّى قِيلَ الْأَصْلُ فِي الصَّيْدِ التَّحْرِيمُ. وَإِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَقُلْنَا : إنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّيْدِ الْإِبَاحَةُ فَلَا يُحَرِّمُهُ أَكْلُ الْكَلْبِ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ. ثُمَّ ذَكَرْنَا التَّعَارُضَ فِيهِ وَالِانْفِصَالَ عَنْهُ، فَلْيُنْظَرْ فِي مَوْضِعِهِ.
$ مستوى٤ مَسْأَلَةُ بَيَان حُكْمِ صِغَارِ الصَّيْدِ وَكِبَارِهِ
$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ بَيَانٌ لِحُكْمِ صِغَارِ الصَّيْدِ وَكِبَارِهِ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ مَالِكٌ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ فَكُلُّ شَيْءٍ يَنَالُهُ الْإِنْسَانُ بِيَدِهِ، أَوْ بِرُمْحِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ سِلَاحِهِ فَقَتَلَهُ، فَهُوَ صَيْدٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾، وَهَذَا بَيَانٌ شَافٍ.


الصفحة التالية
Icon