سَرْدَ الرِّوَايَاتِ عَلَى مَا سَنُورِدُهُ يُبْطِلُ هَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُ. < ١٨٢ > الثَّانِي : أَنَّ قِيمَةَ النَّعَامَةِ لَمْ تُسَاوِ قَطُّ قِيمَةَ الْبَدَنَةِ فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ، لَا مُتَقَدِّمٍ وَلَا مُتَأَخِّرٍ، عُلِمَ ذَلِكَ ضَرُورَةً وَعَادَةً، فَلَا يَنْطِقُ بِمِثْلِ هَذَا إلَّا مُتَسَاخِفٌ بِالنَّظَرِ. وَإِنَّمَا سَقَطَتْ الْمِثْلِيَّةُ فِي الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحَيَوَانِ مِنْ بَابِ الْمُزَابَنَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. فَإِنْ قِيلَ : لَوْ كَانَ الشَّبَهُ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ مُعْتَبَرًا، فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي الْحِمَارِ بَقَرَةٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ لَمَا أَوْقَفَهُ عَلَى عَدْلَيْنِ يَحْكُمَانِ بِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ عُلِمَ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِارْتِيَاءِ وَالنَّظَرِ، وَإِنَّمَا يَفْتَقِرُ إلَى الْعُدُولِ وَالْحُكْمِ مَا يُشْكَلُ الْحَالُ فِيهِ وَيَضْطَرِبُ وَجْهُ النَّظَرِ عَلَيْهِ. وَالْجَوَابُ : أَنَّ اعْتِبَارَ الْحُكْمَيْنِ إنَّمَا وَجَبَ فِي حَالِ الْمَصِيدِ مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ، وَمَا لَهُ جِنْسٌ مِمَّا لَا جِنْسَ لَهُ، وَلْيَعْتَبِرْ مَا وَقَعَ التَّنْصِيصُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَيَلْحَقُ بِهِ مَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ نَصٌّ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ :﴿ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ﴾، فَشَرَكَ بَيْنَهُمَا بِ " أَوْ " فَصَارَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ : فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ، أَوْ مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ مِنْ الصِّيَامِ، وَتَقْدِيرُ الْمِثْلِيَّةِ فِي الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ بِالْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ فِي الْمِثْلِ الْأَوَّلِ. قُلْنَا : هَذَا جَهْلٌ أَوْ تَجَاهُلٌ ; فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى :{


الصفحة التالية
Icon