نَحْوُهُ عَنْ النَّخَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ، وَحَمَّادٍ، وَغَيْرِهِمْ. < ١٨٨ > فَأَمَّا قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا ( كَفَّارَةُ صَيْد الْمُحْرِم ) فَإِطْعَامُ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ عَلَى التَّخْيِيرِ لَا عَلَى التَّرْتِيبِ بِمَا يَقْتَضِيه حَرْفُ " أَوْ " فِي لِسَانِ الْعَرَبِ. وَأَمَّا تَقْدِيرُ الطَّعَامِ فِي الظَّبْيِ بِسِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَفِي الْبَدَنَةِ بِثَلَاثِينَ مِسْكِينًا فَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ نَافِذٍ ; وَإِنَّمَا هُوَ تَحَكُّمٌ بِاخْتِيَارِ قِيمَةِ الطَّعَامِ بِالدَّرَاهِمِ أَصْلًا أَوْ بَدَلًا كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ يُعْطَى عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا لَا نِصْفَ صَاعٍ. وَقَدْ رَوَى بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ : كَانَ رَجُلَانِ مِنْ الْأَعْرَابِ مُحْرِمِينَ، فَحَاشَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا فَقَتَلَهُ الْآخَرُ، فَأَتَيَا عُمَرُ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : شَاةٌ. قَالَ : وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ. اذْهَبَا فَأَهْدَيَا شَاةً. فَلَمَّا مَضَيَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : مَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَقُولُ، حَتَّى سَأَلَ صَاحِبَهُ. فَسَمِعَهُ عُمَرُ، فَرَدَّهُمَا، فَقَالَ : هَلْ تَقْرَآنِ سُورَةَ الْمَائِدَةِ ؟ فَقَالَا : لَا. فَقَرَأَ عَلَيْهِمَا :﴿ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا ﴾ ثُمَّ قَالَ : اسْتَعَنْت بِصَاحِبِي هَذَا. وَعَنْ قَبِيصَةَ وَصَاحِبٍ لَهُ أَنَّهُمَا أَصَابَا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ : إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ. فَسَمِعَهُمَا عُمَرُ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ : تَقْتُلُ الصَّيْدَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ، وَتَغْمِصُ الْفُتْيَا، إنَّ


الصفحة التالية
Icon