$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ : إذَا قُوِّمَ الطَّعَامُ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْنَ يُقَوَّمُ ؟ ( كَفَّارَةُ صَيْد الْمُحْرِم ) فَقَالَ قَوْمٌ : يُقَوَّمُ فِي مَوْضِعِ الْجِنَايَةِ ; قَالَهُ حَمَّادٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَسِوَاهُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُقَوَّمُ حَيْثُ يُكَفِّرُ بِمَكَّةَ. وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ جِدًّا ; فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تُعْتَبَرُ بِهِ قِيمَةُ الْمُتْلَفِ ; فَقَالَ قَوْمٌ : يَوْمَ الْإِتْلَافِ. وَقَالَ آخَرُ : يَوْمَ الْقَضَاءِ. وَقَالَ آخَرُونَ : يَلْزَمُ الْمُتْلِفُ أَكْثَرَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْإِتْلَافِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ، وَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا كَاخْتِلَافِهِمْ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْإِتْلَافِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ حَقًّا لِلْمُتْلَفِ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَعْدَمَهُ الْمُتْلِفُ لَزِمَهُ إيجَادُهُ بِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعَدَمِ، فَالْقَضَاءُ يُظْهِرُ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ، وَلَا يَسْتَأْنِفُ الْقَاضِي إيجَابًا لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا يُعَضِّدُ فِي مَسْأَلَتِنَا الْوُجُوبَ فِي مَوْضِعِ الْإِتْلَافِ، فَأَمَّا فِي مَوْضِعِ فِعْلِ الْكَفَّارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ.
$ مستوى٤ مَسْأَلَة مَكَان الْهُدَى فِي مَكَّة