$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ : إذَا قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدًا فَجَزَاهُ. ثُمَّ قَتَلَهُ ثَانِيَةً وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ﴾، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْمَرَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَمِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّلِيلِ أَحْبَارٌ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِمَرْتَبَتِهِمْ إيرَادُ هَذَا الدَّلِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ; فَإِنَّ كُلَّ حُكْمٍ عُلِّقَ بِشَرْطٍ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ، فَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ [ فَإِنَّ الطَّلَاقَ ] لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ الدُّخُولِ، فَإِنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْرَارِ الْحُكْمِ بِتَكْرَارِ الشَّرْطِ فَذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ الدَّلِيلِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ لَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْطِ الْمُضَافِ إلَيْهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقِيَامِ مَعَ الْحَدَثِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ﴾. وَهَا هُنَا تَكَرَّرَ الِاسْمُ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ، بِقَوْلِهِ :﴿ لَا < ١٩٤ > تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ ﴾. وَالنَّهْيُ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ عَلَيْهِ، فَالْجَزَاءُ لِأَجْلِ ذَلِكَ مُتَوَجِّهٌ لَازِمٌ ذِمَّتَهُ. فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ :﴿ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ ﴾ وَلَمْ يَذْكُرْ جَزَاءً وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قُلْنَا : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :{


الصفحة التالية
Icon