$ الجزء الثاني وَأَمَّا السِّنُّ وَالظُّفُرُ ( الذَّكَاة بِهِمَا )، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : يَجُوزُ بِالْعَظْمِ ; قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَالثَّانِي : لَا يَجُوزُ بِالْعَظْمِ وَالسِّنِّ ; قَالَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. الثَّالِثُ : إنْ كَانَا مُرَكَّبَيْنِ لَمْ يُذْبَحْ بِهِمَا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَصِلًا ذُبِحَ بِهِمَا ; قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ [ وَأَبُو حَنِيفَةَ ]. فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَأَخَذَ بِمُطْلَقِ النَّهْيِ، وَجَعَلَهُ عَامًّا فِي حَالِ الِانْفِصَالِ وَالِاتِّصَالِ، وَأَمَّا ابْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَأَخَذَا بِالْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَا مُتَّصِلَيْنِ كَانَ الذَّبْحُ بِهِمَا < ٣٠ > خَنْقًا، وَأَمَّا إذَا كَانَا مُنْفَصِلَيْنِ كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْحَجَرِ وَالْقَصَبِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، كَمَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَوْلَى بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّ الذَّكَاةَ عِنْدَنَا عِبَادَةٌ، فَكَانَتْ بِاتِّبَاعِ النَّصِّ فِي الْآلَةِ أَوْلَى، وَعِنْدَهُ أَنَّهَا مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى، فَكَانَ بِإِنْهَارِ الدَّمِ بِكُلِّ شَيْءٍ أَوْلَى، وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَصَّ عَلَى السِّنِّ وَالظُّفُرِ وَقَفَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَهُ وَقْفَةَ قَاطِعٍ لِلنَّظَرِ حِينَ قَطَعَ الشَّرْعُ بِهِ عَنْهُ. وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ السِّنِّ وَالظُّفُرِ، إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنَّ مَنْ كَانَ يَفْعَلُهُ لَمْ يُبَالِ أَنْ تُخْلَطَ الذَّكَاةُ بِالْخَنْقِ، فَإِذَا كَانَتْ عَلَى يَدَيْ مَنْ يَفْصِلُهُمَا جَازَ ذَلِكَ إذَا انْفَصَلَا.
$ مستوى٤ مَسْأَلَة تَذْكِيَة الْمَرِيضَة


الصفحة التالية
Icon