$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ فِي ذِكْرِ الطَّعَامِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ كُلَّ مَطْعُومٍ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ اللَّفْظِ وَظَاهِرُ الِاشْتِقَاقِ. وَكَانَ حَالُهُمْ يَقْتَضِي أَلَّا يُؤْكَلَ طَعَامُهُمْ لِقِلَّةِ احْتِرَاسِهِمْ عَنْ النَّجَاسَاتِ، لَكِنَّ الشَّرْعَ سَمَحَ فِي ذَلِكَ ؟ لِأَنَّهُمْ أَيْضًا يَتَوَقَّوْنَ الْقَاذُورَاتِ، وَلَهُمْ فِي دِينِهِمْ مُرُوءَةٌ يُوصِلُونَهَا ; أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجُوسَ الَّذِينَ لَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ لَا يُؤْكَلُ طَعَامُهُمْ وَيُسْتَقْذَرُونَ وَيُسْتَنْجَسُونَ فِي أَوَانِيهِمْ، رُوِيَ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ :﴿ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ. فَقَالَ : أَنْقُوهَا غَسْلًا وَاطْبُخُوا فِيهَا ﴾. وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ وَصَحَّحَهُ أَنَّهُ قَالَ ﴿ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ; إنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنَطْبُخُ فِي قُدُورِهِمْ وَنَشْرَبُ فِي آنِيَتِهِمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ ﴾. قَالَ : وَهُوَ صَحِيحٌ، خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. < ٤٢ > وَغَسْلُ آنِيَةِ الْمَجُوسِ فَرْضٌ، وَغَسْلُ آنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ ( الْأَكْل فِيهَا ) فَضْلٌ وَنَدْبٌ ; فَإِنَّ أَكْلَ مَا فِي آنِيَتِهِمْ يُبِيحُ الْأَكْلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ " أَنَّ عُمَرَ تَوَضَّأَ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ "، وَصَحَّحَهُ وَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي


الصفحة التالية
Icon