حَقًّا مَا هُوَ حَقٌّ كَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ، وَحَمْلِ الْكَلِّ، وَقِرَى الضَّيْفِ، وَالتَّعَاوُنِ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. وَفِيهِ أَيْضًا بَاطِلٌ ; فَرَفَعَ الْإِسْلَامُ مِنْ ذَلِكَ الْبَاطِلَ بِالْبَيَانِ، وَأَوْثَقَ عُرَى الْجَائِزِ، وَالْحَقِّ مِنْهُ بِالْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِإِتْيَانِهِمْ نَصِيبَهُمْ فِيهِ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّصِيحَةِ وَالرِّفَادَةِ وَالنُّصْرَةِ، وَهَذَا كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ ﴾. مَعْنَاهُ إنَّمَا تَظْهَرُ حَقِيقَةُ إيمَانِهِمْ عِنْدَ الْوَفَاءِ بِشُرُوطِهِمْ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ﴾. ثُمَّ قَالَ :﴿ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ ﴾. فَبَيَّنَ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِعَقْدٍ إلَّا أَنْ يُعْقَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْوَفَاءَ بِعُهُودِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، فَيَسْقُطَ. < ١٠ > وَلَا يَمْنَعُ هَذَا التَّعَلُّقَ بِعُمُومِ الْقَوْلَيْنِ ; وَلِذَلِكَ حَثَّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، فَقَالَ :﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾. وَأَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْ الشَّرِّ، فَقَالَ :﴿ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ﴾. فَهَذَا حَثٌّ عَلَى فِعْلِ كُلِّ خَيْرٍ وَاجْتِنَابِ كُلِّ شَرٍّ. فَأَمَّا اجْتِنَابُ


الصفحة التالية
Icon