$ الجزء الثاني الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وُجُوهَكُمْ ﴾ : وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ : مَا بَرَزَ مِنْ بَدَنِهِ وَوَاجَهَ غَيْرَهُ بِهِ، وَهُوَ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُبَيَّنَ، وَأَوْجَهُ مِنْ أَنْ يُوَجَّهَ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ عُضْوٌ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةِ أَعْضَاءٍ، وَمَحَلٌّ مِنْ الْجَسَدِ فِيهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ لِلْعُلُومِ، وَلَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ، وَهُوَ أَيْضًا بَيِّنٌ إلَّا أَنَّهُ أَشْكَلَ عَلَى الْفُقَهَاءِ مِنْهُ سِتَّةُ مَعَانٍ : الْأَوَّلُ : إذَا اكْتَسَى الذَّقَنُ بِالشَّعْرِ ( الْوُضُوء )، فَإِنَّهُ قَدْ انْتَقَلَ الْفَرْضُ فِيمَا يُقَابِلُهُ إلَى الشَّعْرِ قَطْعًا وَنَفْيِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا اسْتَرْسَلَ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا ; لِأَنَّهُ قَدْ اتَّصَلَ بِالْوَجْهِ وَوَاجَهَ كَمَا يُوَاجَهُ، فَيَكُونُ فَرْضًا غَسْلُهُ مِثْلُ الْوَجْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا، وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ ; لِمَا ثَبَتَ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْسِلُ لِحْيَتَهُ ﴾. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، فَعُيِّنَ الْمُحْتَمَلُ بِالْفِعْلِ. الثَّانِي : إذَا دَارَ الْعِذَارُ عَلَى الْخَدِّ، هَلْ يَلْزَمُ غَسْلُ مَا وَرَاءَهُ إلَى الْأُذُنِ أَمْ لَا ؟ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَنَا فِي أَنْفُسِنَا وَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا غَيْرِنَا. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ غَسْلُهُ لَا لِلْأَمْرَدِ وَلَا لِلْمُعْذِرِ. الثَّالِثُ : الْفَمُ ( حُكْم غسله فِي الْوُضُوء ) قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ : إنَّ غَسْلَهُ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ الْوَجْهِ ; وَقَدْ وَاظَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon