الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ إدْخَالِهِمَا فِي الْغَسْلِ ( الْمَرَافِق ). وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقَاوِيلَ : الْأَوَّلُ : أَنَّ ﴿ إلَى ﴾ بِمَعْنَى مَعَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ ﴾ مَعْنَاهُ مَعَ أَمْوَالِكُمْ. الثَّانِي : أَنَّ ﴿ إلَى ﴾ حَدٌّ، وَالْحَدُّ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَحْدُودِ دَخَلَ فِيهِ، تَقُولُ :< ٥٩ > بِعْتُك هَذَا الْفَدَّانَ مِنْ هَاهُنَا إلَى هَاهُنَا، فَيَدْخُلُ الْحَدُّ فِيهِ. وَلَوْ قُلْت : مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ مَا دَخَلَ الْحَدُّ فِي الْفَدَّانِ. الثَّالِثُ : أَنَّ الْمَرَافِقَ حَدُّ السَّاقِطِ لَا حَدُّ الْمَفْرُوضِ ; قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ. وَمَا رَأَيْته لِغَيْرِهِ. وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ وَأَيْدِيَكُمْ ﴾ يَقْتَضِي بِمُطْلَقِهِ مِنْ الظُّفْرِ إلَى الْمَنْكِبِ، فَلَمَّا قَالَ :﴿ إلَى الْمَرَافِقِ ﴾ أَسْقَطَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْمِرْفَقِ، وَبَقِيَتْ الْمَرَافِقُ مَغْسُولَةً إلَى الظُّفْرِ ; وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ يَجْرِي عَلَى الْأُصُولِ لُغَةً وَمَعْنًى. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ ﴿ إلَى ﴾ بِمَعْنَى مَعَ فَلَا سَبِيلَ إلَى وَضْعِ حَرْفٍ مَوْضِعَ حَرْفٍ، إنَّمَا يَكُونُ كُلُّ حَرْفٍ بِمَعْنَاهُ، وَتَتَصَرَّفُ مَعَانِي الْأَفْعَالِ، وَيَكُونُ مَعْنَى التَّأْوِيلِ فِيهَا لَا فِي الْحُرُوفِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ إلَى الْمَرَافِقِ ﴾ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ : فَاغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مُضَافَةً إلَى الْمَرَافِقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ ﴾ مَعْنَاهُ مُضَافَةً إلَى أَمْوَالِكُمْ. وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ


الصفحة التالية
Icon