بِزَيْدٍ، فَهَذَا لِإِلْصَاقِ الْفِعْلِ بِالِاسْمِ، ثُمَّ تَقُولُ : مَرَرْت زَيْدًا فَيَبْقَى الْمَعْنَى. وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيَانُهُ فِي مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ ". وَقَدْ طَالَ الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَتَرَامَتْ فِيهِ الْخَوَاطِرُ فِي الْمُخْتَصَرِ حَتَّى أَفَادَنِي فِيهِ بَعْضُ أَشْيَاخِي فِي الْمُذَاكَرَةِ وَالْمُطَالَعَةِ فَائِدَةً بَدِيعَةً : وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ فَامْسَحُوا ﴾ يَقْتَضِي مَمْسُوحًا، وَمَمْسُوحًا بِهِ. وَالْمَمْسُوحُ الْأَوَّلُ هُوَ مَا كَانَ. وَالْمَمْسُوحُ الثَّانِي هُوَ الْآلَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَاسِحِ وَالْمَمْسُوحِ، كَالْيَدِ وَالْمُحَصِّلِ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْمَسْحِ، وَهُوَ الْمِنْدِيلُ ; وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ; فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَوْ قَالَ : امْسَحُوا رُءُوسَكُمْ لَأَجْزَأَ الْمَسْحُ بِالْيَدِ إمْرَارًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ عَلَى الرَّأْسِ لَا مَاءَ وَلَا سِوَاهُ، فَجَاءَ بِالْبَاءِ لِتُفِيدَ مَمْسُوحًا بِهِ، وَهُوَ الْمَاءُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ الْمَاءَ، مِنْ بَابِ الْمَقْلُوبِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهُ، وَقَدْ أَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ : كَنُوَاحِ رِيشِ حَمَامَةٍ نَجْدِيَّةٍ وَمَسَحْت بِاللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الْإِثْمِدِ مِثْلُهُ :" مِثْلُ الْقَنَافِذِ ". وَمِثْلُهُ :﴿ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ﴾. < ٦٥ > وَاللِّثَةُ : هِيَ الْمَمْسُوحَةُ بِعَصْفِ الْإِثْمِدِ، فَقَلْبٌ. وَلَكِنَّ الْأَمْرَ بَيِّنٌ وَالْفَصَاحَةَ قَائِمَةٌ، وَإِلَى هَذَا النَّحْوِ أَشَارَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي شَرْطِهِ الرَّابِعِ بِالثَّلَاثَةِ الْأَصَابِعِ أَوْ الْأَرْبَعِ ; فَإِنَّهُ قَالَ : لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ مَمْسُوحٌ بِهِ


الصفحة التالية
Icon