التَّطْهِيرِ، وَجَاءَ الْخَفْضُ لِيُبَيِّنَّ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ يُمْسَحَانِ حَالَ الِاخْتِيَارِ عَلَى حَائِلٍ، وَهُمَا الْخُفَّانِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، فَعَطَفَ بِالنَّصْبِ مَغْسُولًا عَلَى مَغْسُولٍ، وَعَطَفَ بِالْخَفْضِ مَمْسُوحًا عَلَى مَمْسُوحٍ، وَصَحَّ الْمَعْنَى فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ : أَنْتُمْ وَإِنْ قَرَأْتُمُوهَا بِالنَّصْبِ فَهِيَ عَطْفٌ عَلَى الرُّءُوسِ مَوْضِعًا، فَإِنَّ الرُّءُوسَ وَإِنْ كَانَتْ مَجْرُورَةً لَفْظًا فَهِيَ مَنْصُوبَةٌ مَعْنًى ; لِأَنَّهَا مَفْعُولَةٌ، فَكَيْفَ قَرَأْتهَا خَفْضًا أَوْ نَصْبًا فَوَظِيفَتُهَا الْمَسْحُ مِثْلُ الَّذِي عُطِفَ عَلَيْهِ. قُلْنَا : يُعَارِضُهُ أَنَّا وَإِنْ قَرَأْنَاهَا خَفْضًا، وَظَهَرَ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الرُّءُوسِ فَقَدْ يُعْطَفُ الشَّيْءُ عَلَى الشَّيْءِ بِفِعْلٍ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا، كَقَوْلِهِ :< ٧٣ > عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا وَرَأَيْت زَوْجَك فِي الْوَغَى مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا فِعْلًا فَرُوعَ الْأَيْهَقَانِ وَأَطْفَلَتْ بِالْجَلْهَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَنِعَامُهَا وَكَقَوْلِهِ : شَرَّابُ أَلْبَانٍ وَتَمْرٍ وَأَقِطٍ تَقْدِيرُهُ : عَلَفْتهَا تِبْنًا وَسَقَيْتهَا مَاءً. وَمُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَحَامِلًا رُمْحًا، وَأَطْفَلَتْ بِالْجَلْهَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَفَرَّخَتْ نِعَامُهَا. وَشَرَّابُ أَلْبَانٍ وَآكِلُ تَمْرٍ وَأَقِطٍ. فَإِنْ قِيلَ : هَاهُنَا عَطَفَ وَشَرَكَ فِي الْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَفْعُولًا اتِّكَالًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ لِلْحَقِيقَةِ. قُلْنَا : وَهَا هُنَا عَطَفَ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الرُّءُوسِ وَشَرَكَهُمَا فِي فِعْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَفْعُولُهُ، تَعْوِيلًا عَلَى بَيَانِ الْمَبْلَغِ، فَقَدْ بَلَغَ، وَقَدْ بَيَّنَّا


الصفحة التالية
Icon