وردت الحالات الثالاث المتقدمة في قتل الخطأ. أما الآن فنحن أمام القتل العمد. وهو أكبر جريمة في الدنيا، وكبيرةٌ لا تكفّر عنها دية ولا عتق. وانما جزاء مرتكبها عذابُ جهنم الأليم، والطرد من رحمة الله. وفي ذلك تهديد ووعيد لمن أقدم على هذه الجريمة واقترف هذا الذنب العظيم الذي قرنه الله تعالى بالشِرك به في كثير من الآيات. منها قوله تعالى ﴿ والذين لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلها آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق ﴾ [ الفرقان : ٦٨ ].
والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جداً، فمن ذلك ما ورد في الصحيحين عن ابن مسعود قال :« قال رسول الله أولُ ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ».
وفي حديث الترمذي والنّسائي عن بان عمرو :« لَزوالُ الدنيا أهونُ عند الله من قتلِ رجل مسلم ».
ان من قتل مؤمنا متعمّدا مستحلاًّ ذلك القتل، فجزاؤه على جريمته البشعة ان يدخل جهنم خالداً فيها، إنه يستحق عضب الله وأن يطرده الله من رحمته، وقد اعد له عذابا عظيماً.
قال ان القيّم : لما كان الظلم والعدوان منافَيين للعدل الذي قامت به السماوات والأرض، وأرسل الله سبحانه رسلهن، وأنزل كتبه فهو من أكبر الكبائر عند الله، ودرجتُه في العظمة بحسب مفسدته في نفسه. لذا صار قتل الانسان المؤمن من أقبح الظلم وأشده.
وقد قال بعض العلماء ومنه ابن العباس : ان القاتل عامداً متعمداً لا تُقبل توبته، وسخلَّد في النار. وقال آخرون : إذا تاب ورجع الى الله تُقبل توبته، لأنه تعالى يقول :﴿ إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ ﴾. وهذا هو الذي يتمشى مع قواعد الاسلام.