﴿ وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ... ﴾
ومن يُرد الله اختباره في دينه فيُظهره الاختبارُ ضلالَه وكفره، فلن تملِك له يا محمد شيئاً من الهداية. هؤلاء المنافقون والجاحدون من اليهود.. قد أظهرت فتنةُ الله لهم مقدارَ فسادهم، فهم يقلبون الكذب ويحرفون كلام الله، اتباعاً لأهوائهم ومرضاة رؤسائهم. لا تحزن البتةَ على مسارعتهم في الكفر، ولا تطمع في جذبهم الى الايمان، ولا تخفْ عاقبة نفاقهم فإنما العاقبة للمتقين.
﴿ أولئك الذين لَمْ يُرِدِ الله... ﴾ إنّ ا لذين بلغت منهم الفتنة ذلك المبلغ هم الذين لم يرد الله تطهير قلوبهم من الكفر والنفاق فلن تستطيع ان تهديهم، لهم في الدنيا خِزي وذلّ ولهم في الآخرة عذاب شديد.
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾
اعاد الله وصفهم بكثرة السماع للكذب، للتأكيد، وبيان أن أمرهم كلَّه مبينٌّ على الكذب. كما وصفهم بأنهم أكالون للسحت، أي الحرام، لأنه انتشر بينهم، كالرشوة والربا واختلاص الأموال. وكل ذلك شائع في مجتمعنا نحن الآن مع الأسف.
قراءات : قرأ ابن كثير وابو عمرو والكسائي ويقعوب السُّحُت بضمتين، وهما لغتان.
﴿ فَإِن جَآءُوكَ فاحكم بَيْنَهُمْ... ﴾
فإن جاؤوك لِتحكم بينم فأنت مخيَّر بين الحكم بينهم والاعراض عنهم. فإن اخترتَ الإعراض عنهم فلن يضروك بأي شيء، لأن الله عاصمُك من الناس. ﴿ وَإِنْ حَكَمْتَ فاحكم بَيْنَهُمْ بالقسط إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ﴾. وإن اخترتَ ان تحكم بينم فاحكم بالعدل الذي أمَر الله بيه، وهو ما تضمّنه القرآن واشتملت عليه شريعة الاسلام. ان الله يحب العادلين. ﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التوراة فِيهَا حُكْمُ الله ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلك وَمَآ أولئك بالمؤمنين ﴾.
عجباً لهم كيف يطلبون حكمك في قضاياهم مع ان حكم الله منصوص عليه عندهم في التوراة، هي شريعتهم، ثم يرفضون ما حكمتَ به لأنه لم يوافق هواهم!! ان أمرهم لمن أعجب العجب، وما سببُ ذلك إلا أنهم ليسوا مؤمنين لا بالتوراة ولا بك أيضا.


الصفحة التالية
Icon