افترى : كذب. تزعمون : تظنون، واكثر ما يستعمل الزعم فيما هو باطل. ضل : غاب، وخفِي.
بين الله تعالى في الآية السابقة ان شهادة الله على صحة نبوة رسوله كافية في تحقُّقها، وذكَر كذب أهل الكتاب في ادعائهم أنهم لا يعرفون محمداً ﷺ، فأورد أنهم يعرفون نبوّته كما يعرفون ابناءهم. وقد رُوي أن كفار قريش أرسلوا ليهودَ وسألوهم عن صفة النبي هل جاء في كتبهم عنا شيء، فأنكروا أن في التوراة والانجيل شيئا من ذلك وقد كذبوا في ذاك، إن صفته في كتبهم واضِحة ظاهرة.
﴿ الذين خسروا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾.
فهؤلاء قد ضيعوا أنفسهم لأنهم كذبوا، لوم يقرّوا بما عرفون، بل أصرّوا على إنكارهم الحقائق. وليس هناك من هو أشد ظلماً ممن افترى على الله كذِبا، كمن زعم ان له ولداً أو شريكا، ولا ممن كذّب بآياته المنزلة عل أنبيائه السابقين وأنكرها.
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ؟ ﴾.
اذكر لهم ايها الرسول ما سيحصل لهم يوم نجمع الخلق كلّهم للحساب، ثم نقول للذين عبدوا مع الله غيره : أين الذين جعلتموهم شركاء لله، وزعمتم في الدنيا أنهم اولياؤكم من دونه؟
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾.
لن تكون نتيجة محنتهم الشديدة في هذا الموقف الحرج الا محاولة التخلص من شركهم السابق بالكذب، قائلين ما أشركنا في العبادة احدا.
﴿ انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ ﴾.
انظر كيف سيغالطون انفسهم بهذا الكذب، كيف غاب ما كانوا يختلفونه من عبادة الاحجار، ويزعمونها شركاء لله.
قراءات :
قرأ حمزة والكسائي « ثم لم يكن » بالياء والباقون « لم تكون » بالتاء. وقرأ بن كثير وابن عامر وحفص « فتنتهم » بالرفع، والباقون « فتنتهم » بنصب التاء. وقرأ حمزة وخلف والكسائي « والله ربنا » بنصب الباء، والباقون بكسرها.