سقاية الحاج : ما كانت قريش تسقيه للحجّاج من الزبيب المنبوذ في الماء، وكان يقوم بها العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه في الجاهلية وبقيت معه في الاسلام.
﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحاج وَعِمَارَةَ المسجد الحرام... ﴾.
هذا توبيخ من الله تعالى لقومٍ افتخروا بالسقاية والسِّدانة، وهي حجابة البيت، فأعملهم الله أن الفخر الحقيقي إنما يكون في الإيمان بالله، واليوم الآخر، والجهاد في سبيله. وذلك بمعنى انه لا ينبغي ان تجعلوه اهل السقاية والعمارة في الفضيلة كمن آمن بالله واليوم الآخر، وجاهد في سبيل الله، ان الفئتين ليْسَتَا بمنزلة واحدة عند الله.
﴿ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين ﴾.
المشركين الذين لا يخلِّصون عقيدتهم من الشرك، ولو كانوا يعمرون البيتَ ويسقون الحجيج.
ثم بيّن سبحانه مراتب فضْلِهم إثر بيان عدم استوائهم هم المشركين الظالمين فقال :
﴿ الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ﴾.
ان الذين صدّقوا بوحدانية الله، وهاجروا من دار الكفر الى دار الإسلام، وتحمّلوا مشاقّ الجهاد في سبيل الله بأموالهم وانفسهم، هم اعظمُ منزلةً وأعلى مقاما في مراتب الفضل والكمال عند الله من أهل سِقاية الحاجّ وعَمارة المسجد بدون ايمان بالله.
﴿ وأولئك هُمُ الفائزون ﴾ وأولئك المؤمنون المهاجرون المجاهدون هم الفائزون بمثوبة الله وكرامته.
ثم فصّل الله تعالى ذلك الفوز العظيم وبينه فقال :
﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ﴾. هؤلاء الذين جمعوا الصفاتِ الحميدةَ يبشّرهم الله تعالى برحمته الواسعة التي تشملهم، ورضوان كامل من لدنْه، وهو أكبر جزاءٍ. وسيُدخلهم يوم القيامة جناتٍ لهم فيها نعيمٌ ثابت دائم.
﴿ إِنَّ الله عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
لهؤلاء المؤمنين الذين تحملوا مشاق الهجرة والجهاد ثوابٌ لا يقدِّر قدْره الا الله الذي تفضل به.