ثم أرشده الى ما يفعل بهم إذا لحِقه أذاهم، وهو أن يصبر حتى يأتي امر الله :
﴿ ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ السيئة نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾
استمر يا محمد في دعوتك، وقابلْ إساءتهم بالتي حي أحسن، ومن العفو والصبر والتجاوز عن جهلهم... نحن أعلمُ بما يصفوننا به، وبما يصفون دعوتك من سوء وافتراء، وسنجازيهم عليه.
رُوي عن أنس رضي الله عنه :« يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له : ان كنتَ كاذباً فإني أسأل الله ان يغفر لك، وان كنتَ صادقاً فإني أسأل الله ان يغفر لي ».
ولمّا أدّب الله رسولَه الكريم بأن يدفع بالحسنى أرشده لى ما يقوى به على ذلك، من الاستعاذة من هَمزات الشياطين.
﴿ وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ﴾
وقل أيها الرسول : يا رب، إني ألتجيء اليك من أثر وساوسِ الشياطين، وان يبعثوا إليَّ أعدائك لإيذائي، وان يكونوا بعيدين عني في جميع أعمالي، ليكون عملي خالصاً لوجهك الكريم.
أخرج الامام أحمد وأبو داود والترمذي عن عمور بن شعيب عن ابيه عن جده قال :« كان رسول الله ﷺ يعلّمنا كلماتٍ نقولها عند العزم خوف الفزع :» بسم الله، اعوذ بكلماتِ الله التامة من غضبه وعقابه وشرِّ عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون «
ثم أخبر عما يقوله الكافرون حين قُربِ الوفاة، ومعاينة المصير من سؤال الرَّجعة الى الدنيا ليُصلحوا ما كانوا أفسدوا حالَ حياتهم فقال :
﴿ حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ رَبِّ ارجعون لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا وَمِن وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
سوف يستمر هؤلاء المعاندون على كفرهم، حتى إذا حلّ موعد موتِ أحدهم، ورأى مصيره ندم وقال : يا رب، ردَّني إلى الدنيان لأعملَ عملاً صالحا فيما قصرّت فيه من عبادتك، وما تركت من مالي. ولكن هيهات، فقد فات الأوان، ولن يجاب الى طلبه، وإنما هو كلام يقوله دون فائدة. إن أمامهم حاجزاً بينهم وبين الرجوع الى الدنيا.
قراءات :
قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر وحفص : عالمِ الغيب بالجر. والباقون : عالمُ الغيب بالرفع، على تقدير هو عالم الغيب.