اللبث : الاقامة. العادّين : الحفظة الحاسبين لأعمال البشر. فإنما حسابه عند ربه : جزاؤه.
﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأرض عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ العآدين ﴾
الله تعالى يعلم كل شيء لكنه يسألهم هنا للتقريع : كما كانات إقامتكم في الدنيا؟ فيقولون لبثنا يوما او بعض يومن فاسأل الحفَظَةَ العارفين لأعمال العباد.
﴿ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
إنكم لم تقيموا في الدنيا الا رَمَقاً قليلا بالقياس الى ما أنتم مقبلون عليه لو كنتم تحسنون التقدير.
ثم يعود فيعنّفهم على تكذيبهم بالآخرة فيقول :
﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾
أظننتم أننا خلقناكم بغير حكمة، وظننتم انكم لا تُبعثون لمجازاتكم!؟
ثم تنتهي السورة بتقرير القاعدة الأولى للإيمان، وهي التوحيد، وإعلان الخسارة الكبرى للمشركين، في مقابل الفوز والفلاح للؤمنين كما افتتحت السورة بذلك. ثم بالتوج الى الله في طلب الرحمة والغفران وهو أرحمُ الراحمين :
﴿ فَتَعَالَى الله الملك الحق لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش الكريم ﴾
العظمةُ لله وحده، هو مالك الملك كله، لا معبودَ بحقٍّ سواه، وهو رب العرش الكريم.
وبعد ان ذكر انه الملِكُ الحق، أتبعه ببيان ان من ادّعى ان في الكون إلهاً سواه فقد ادعى باطلا لا دليل عليه فقال :
﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون ﴾
افتُتحت السورة بفلاح المؤمنين، وختمت بخيبة الكافرين... ومن يعبد مع الله آلها آخر لا دليل على صحة الوهيته، يعاقبْه الله على شِركه، وان الكافرين لا يفلحون. وهنا يتناسق مطلع السورة مع ختامها، نسأل الله تعالى حسن الختام.
﴿ وَقُل رَّبِّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الراحمين ﴾ >
وقل أيها النبي بالختام داعياً الله ضارعاً اليه : يا ربّ اغفر لي ذَنبي وارحمني وارحم عبادك. فأنت خير الراحمين.