مترفوها : المتنعمون الذين أبطرتهم النعمة. يبسط الرزق : يوسعه. ويقدر : يضيق. زُلفى : قربى، زلف يزلف زلفا : تقرب. فأولئك لهم جزاء الضعفِ : الجزاء المضاعف. الغرفات : جمع غرفة في أعالي الجنان. معاجزين : جمع معاجز وهو الذي يحاول تعجيز الانبياء.
يسلّي الله تعالى رسوله الكريم على ما ابتلي به من مخالفة مترفي قومه له، وعداوتهم إياه، بالتأسي بمن قبله من الرسل، فهو ليس بدعاً من بينهم، فما من نبيّ بُعث في مكان الا كذّبه المتنعمون واتَّبعه ضعفاؤهم. وهو هنا يبيِّن حجتهم وتبجّحهم بقولهم إنهم لا حاجة لهم الى الايمان بالله، فما هم فيه من مال وما عندهم من اولاد برهانٌ على محبة الله لهم. فيرد عليهم بأن بَسْطَ الرزق وتقتيره ليس دليلا على رضا الله او غضبه، وان ذلك مرتبط سننٍ قدّرها الله في هذه الحياة، فمن احسنَ استعمالها استفاد منها.... وأن كثرة الأموال والاولاد لا تقربهم الى الله اذا لم يؤمنوا، وان الذين آمنوا وعملوا الصالحات يضاعَفُ لهم الجزاء ويتمتّعون بغُرف الجنان، ﴿ وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ ﴾. أما الذين يصدّون عن سبيل الله فإنهم ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ﴾.
ثم يحثّ المؤمنين على الانفاق وبذل المال واللهُ يخلُفه عليهم ويعوضهم بأكثر منه ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ﴾.
روى البخاري ومسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه « ان رسول الله ﷺ قال » ما من يومٍ يصبح العباد فيه الا مَلَكان ينزلان، فيقول احدهما : اللهمّ أعطِ منِفقاً خَلَفا، ويقول الآخر اللهم أعطِ ممسِكاً تلفا «
ثم بين بعد ذلك كيف يسأل الله الملائكة يوم القيامة ويقول لهم :
﴿ { أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ؟ قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ﴾
فيتنصل الملائكة من ذلك ويقولون : إننا برآء من عبادتهم والرضا بهم، بل كانوا يعبدون الجن وكانوا لتأثيرهم خاضعين.
ثم بين بعد ذلك أنهم لا ناصرَ لهم ولا ينفع بعضهم بعضا، إذ يقال للظالمين ﴿ ذُوقُواْ عَذَابَ النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴾ في الدنيا.
قراءات :
قرأ حمزة وحده : في الغرفة بالافراد، والباقون : في الغرفات بالجمع.