اذ فزعوا : اذ خافوا. فلا فوت : فلا مهرب. ويقذفون بالغيب : ويرجّحون بالظنون. أنى لهم التناوش : من اين لهم التناول، يقال ناشه : تناوله. بأشياعهم : بأشباههم وأمثالهم من كفرة الأمم. مريبٍ : مُوقعٍ في الريبة.
في ختام السورة يبين الله حالة الجاحدين وكيف يتولاهم الفزعُ والخوف الرهيب في ذلك اليوم العصيب. ولو ترى ايها الرسول هؤلاء المكذّبين اذ تملّكهم الفزعُ يوم القيامة عندما يرون العذاب الشديد - لرأيتَ ما يعجز القول عن وصفه، فلا مهربَ لهم من العذاب، وأُخذوا الى النار من مكان قريب.
وقالوا عندما شاهدوا العذاب : آمنا بالحق، لكنْ أنى لهم تناولُ الايمان بسهولة من مكان بعيد هو الدنيا، وقد خرجوا منها وانقضى وقتها! لقد كفروا بالله ورسوله وملائكته من قبل.
﴿ وَيَقْذِفُونَ بالغيب مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
ذلك حين أنكروا هذا اليومَ، وكذّبوا بالبعث والنشور والحساب والجزاء، واليوم يحاولون تناول الايمان، وذلك بعيد عنهم.
﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾
فلا رجوعَ الى الدنيا، ولا ينفع يمانُهم، كما قال تعالى ايضا :﴿ فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا ﴾ [ غافر : ٨٤، ٨٥ ].
﴿ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبِ ﴾
لقد كان لهم أِباهٌ ونظائر من الأمم السابقة، أعرضوا عن ربهم في الحياة الدنيا فتمنَّوا الرجوع الى الدنيا حين رأوا بأس الله : لأنهم كانوا في حياتهم السابقة شاكّين فيما أخبرتْ به الرسلُ من البعث والجزاء.
وهكذا ختمت هذه السورة الكريمة بهذا العنف، وبتصويرٍ حيّ لمشهد من مشاهد القيامة، وعندها يظهر اليقينُ بعد الشك المريب.