الأنعام : الابل والبقر والغنم. الفُلك : السفن. بالبينات : الآيات الواضحة. وحاق بهم : احاط بهم. بأسنا : شدة عذابنا. سنّة الله : طريقته.
يبين الله تعالى في هذه الآيات بعضَ هذه المعجزات التي يطلبها الجاحدون، ولكنهم لا يحسّون بها لأنهم ألِفوها، ثم يذكّرهم بما في هذه الآيات من نعم كبار.
ان الله تعالى خلق هذه الأنعام من الإبل والغنم والبقر، وذلّلها للانسان، منها ما يركبه ويستعمله في قضاء حاجاته، ومنها ما يأكله. فقد كانت وسائط السفر من هذه الانعام ولا يزال هناك حاجة لها في التنقّل بين الاماكن الوعرة في الجبال رغم وجود الوسائط الحديثة. ومنها ما يأكلونه ويشربون لبنه، كما يستعملون جلودها.
﴿ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ ﴾
وقد تقدم في سورة النحل في الآيات ٥ و ٦ و ٧ و ٨ بأوسع من ذلك.
ثم بين انه يريكم آياته الباهرة التي لا مجال لانكارها بقوله :
﴿ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ الله تُنكِرُونَ! ﴾.
والله تعالى يريكم دلائلَ قدرته، لا تقدِرون على إنكار شيء منها لأنها واضحة لا يُنكرها من له ادنى عقل.
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ.... ﴾
تقدم هذا المعنى في اكثر من آية في سورة يوسف والحج والروم. فلو انهم اعتبروا بما رأوا من آثار الأمم السابقة واتّعظوا بها لأغناهم ذلك عن جحودهم وكفرهم.
وتلك المم السابقة حين جاءتهم رسُلهم بالشرائع والمعجزات الواضحة، فرحوا بما عندهم من علوم الدنيا، واستهزأوا بالمرسَلين، فنزل بهم العذابُ وأحاط بهم. فلما رأوا العذاب آمنوا بالله وحده وكفروا بآلهتهم التي عبدوها، ولكن ذلك لم يُفِدْهم شيئاً. لقد فات الأوان، فلا يفيد الندم. ﴿ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا ﴾ وتلك سنَّةُ الله قد سبقت في عباده ان لا يقبل الايمان حين نزول العذاب، ﴿ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون ﴾ وسنة الله ثابتة لا تختلف ولا تحيد عن الطريق.
اللهم اقبل توبتنا، وأحسن ختامنا، واسترنا واغفر لنا يا رب العالمين ويا أرحم الراحمين.