أم لكم براءة : أم عندكم كتابٌ فيه نجاتكم من العذاب. الزُبُر : جمع زبور، وهي الكتب السماوية. ويولّون الدبُر : يعطونكم ظهورهم عندما ينهزمون. أدهى : أعظم. وأمر : اشد مرارة. سعر : نيران مستعرة. سقَر : اسم من اسماء جهنم، ومسّ سقر : حرها، بقدَر : بتقدير حسب حكمة بالغة. وما أمرُنا الا واحدة : كن فيكون. كلمح بالبصر : كلمح البصر لشدة سرعته. أشياعكم : أشباهكم، وأتباعكم وانصاركم. مستطر : مكتوب. ونهَر : أنهار. في مقعد صدقٍ : في مكان مرضي. عند مليكٍ مقتدر : عظيم القدرة.
يوجَّه الخطابُ هنا الى قريشٍ ومن والاهم. أكفاركم يا معشَر قريشٍ أقوى من تلك الأقوامِ التي ذُكرت، فأنتم لستم بأكثرَ منهم قوة، ولا أوفرَ عددا. وهل عندكم صكٌّ مكتوب فيه براءتكم من العذاب!.
ام ان المشركين يقولون : نحن واثِقون بقوّتنا ونحن منتصِرون. وقد ردّ الله عليهم مقالَهم بأنهم سيُهزمون ويولّون الدبُر. وقد صدق الله وعدَه فهزمهم جميعاً ونصرَ رسولَه الكريم صلى الله عليه وسلّم.
ثم بيّن الله أن الهزيمةَ هي عذابُ الدنيا، وان موعدَهم يومُ القيامة، فيه العذاب الشديد الذي ليس له مثيل، وكل عذابٍ دونض جهنمَ بسيط وقليل. ففي ذلك اليوم يكون المجرمون من المشركين في هلاكٍ وجحيم مستعر، ﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النار على وُجُوهِهِمْ ﴾ ويقال لهم :﴿ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ﴾ قاسوا عذابَ جهنم.
ثم بين الله تعالى أن كلّ ما يوجد في هذا الكون يحدُث بقضائه وأمرِه وتقديره على ما تقتضيه حكمته، وان أمْرَه ينفَذُ بكلمة ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [ البقرة : ١١٧ ] بأسرعَ من لمح البصر.
ثم بين لهم انه أهلكَ اقواماً كثيرا أشباههم فهل يعتبرون؟ وان كل شيء فعلوه في الدنيا سيَجِدونه مكتوباً مسجّلاً لا يغيبُ منه شيء.
﴿ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ ﴾ كلّ صغيرٍ وكبير من الأعمال مسجَّل مسطور.
وبعد ان بين مقام الكافرين وما ينتظرهم من عذاب يوم القيامة، ذكر ما ينالُه المتقون من الكرامة عند ربهم في جنّاتٍ وأنهارٍ متعددة.
﴿ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ ﴾ في مجلسٍ كريم في ضيافةِ الرحمن الرحيم، القويّ العزيز، عظيمِ القدرة جلّ جلاله.