السموم : ريح حارة تنفُذ في مسام البدن. الحميم : الماء الحار. وظلٍّ من يحموم : في ظلٍ من دخان حارٍ شديد السواد. مترفين : منعمين. الحنث العظيم : الذنب العظيم وهو الشِرك بالله. ميقات : وقت معلوم، والمراد به يوم القيامة. شجر الزقّوم : شجر ينبت في أصل الجحيم. الهِيم : الإبل يصيبها داءٌ تشرب معه ولا تروى. النزل : مكان مهيّأ للضيف. يوم الدين : يوم الجزاء.
بعد ان بيّن الله مقام الصِنفين : السابِقين واصحاب اليمين، وما يلقاه كل منهم من عز ونعيم مقيم وشرف عظيم - بين هنا الصنف الثالث المقابل وهم الجاحِدون المعاندون، اصحاب الشمال. ولا يدري أحدٌ ما ينال أصحابَ الشمال من العذاب، فهم في ريح حارة تشوي الوجوه، وماءٍ متناهٍ في الحرارة، وفي ظلٍ من دخانٍ حارّ شديد السواد، لا بارد يخفّف حرارةَ الجو، ولا كريمٍ يعود عليهم بالنفع إذا استنشقوه.
والسبب في ذلك :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ﴾ مسرِفين في الاستمتاع بنعيم الدنيا. وكانوا يصرّون على الشِرك بالله، ويحلفون بأنه لن يُبعث من يموت. كما جاء في سورة النحل الآية ٣٨ ﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ ﴾ وكانوا يزيدون في الانكار فيقولون : أنُبعث إذا متنا، وصارت أجسامُنا تراباً وعظاما بالية؟ هل نعود الى حياة ثانية، ونُبعث نحن وآباؤنا الأقدمون الذين ماتوا من زمن قديم!؟.
قل لهم أيها الرسول الكريم : سوف يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد في ذلك اليوم العلوم، ثم إنكم أيها الجاحدون المكذّبون بالبعث، ستأكلون في جهنّم من شجرةِ الزقّوم التي وصفها الله تعالى في سورة الصافّات بقوله :﴿ إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ في أَصْلِ الجحيم طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشياطين ﴾ [ الصافات : ٦٤، ٦٥ ]، فمالئون من هذا الشجرِ الخبيثِ بطونَكم، فشاربون ماءً شديدَ الحرارة لا يروي ظمأكم، كما تشرب الابلُ المصابةُ بمرض العطَش فلا تروى أبدا.
وكل ما ذكر فهو ضيافتهم يوم الدِّين على سبيل التهكّم بهم، لأن قوله تعالى ﴿ هذا نُزُلُهُمْ ﴾، معناه : هذا ما يهيّأ لضيافتهم. وفي هذا توبيخٌ لهم وتهكم بهم.
قراءات :
قرأ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة : شُرب الهيم بضم الشين. و الباقون : شَرب الهيم بفتح الشين. وهما لغتان.