تدرسون : تقرؤون. تخيّرون : أصلها تتخيرون بتاءين ومعناها تختارون. بالغة : مؤكدة مغلّظة. إن لكم لَما تحكمون : انه سيحصل لكم كل ما تريدون يوم القيامة. أيهم بذلك زعيم : من منهم الذي يكفل لهم هذا. يومَ يُكشف عن ساق : يوم الشدة. والعرب تكنّي بكشف الساق عن الشدة :
قد شمّرتْ عن ساقِها فشدّوا | وجدّت الحربُ بكم فجِدّوا |
بعد ان ذَكر سبحانه حالَ الذين دُمرت جنتهم في الدنيا، وما أصابهم من النقمة حين عَصَوه - بين هنا حال المتقين وما ينتظرهم من جنّات النعيم الخالدة في الآخرة.
﴿ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النعيم ﴾ الخالصِ الدائم.
وعندما سمع كفارُ قريش هذه الآية قالوا : إن الله فضّلنا عليكم في الدنيا، فلا بدّ ان يفضّلنا عليكم في الآخرة، فردّ الله تعالى عليهم ما قالوا وأكد فوزَ المتقين فقال :
﴿ أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ! ﴾
لا يجوز ان نظلمَ في حُكمنا فنجعلَ المسلمين كالكافرين ونسوّيَ بينهم. ماذا أصابكم؟ كيف تحكمون مثلَ هذا الحكم الجائر؟
وهل عندكم كتابٌ نزل من السماءِ تقرؤون فيه أنّ لكم فيه ما تختارون؟ أم أقسَمْنا لكم أيماناً مؤكدة باقيةً الى يوم القيامة؟ ﴿ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴾ وسيحصل لكم كل ما تشتهون.
﴿ سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ ﴾
اسأل المشركين أيها الرسول : من الذي يكونُ كفيلاً بتنفيذ هذا؟
﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ؟ ﴾ في دعواهم الكاذبة.
﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ.... ﴾.
يوم يشتد الأمر ويصعُب، ويُدعى الكفارُ إلى السجود فلا يستطيعون، كما أنه لن يُجديَهم التلاومُ ولا السجودُ في ذلك اليوم نفعا، فتزداد حسرتُهم وندامتهم على ما فرّطوا فيه.
ويأتون في ذلك اليوم خاشعةً ابصارُهم منكسرةً تغشاهم ذلةٌ مرهِقة، وقد كانوا يُدعون الى السجود في الدنيا وهم قادرون.... فلا يسجدون!.