لقد أراد الجن ان يستمعوا خبر السماء فوجدوها ﴿ مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ﴾ تنقضّ عليهم، وقالوا :﴿ وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ﴾ يهلكه ويحرقه.
وان الجن قالوا : نحن لا نعلم، أعذابٌ أُريد بمن في الأرضِ من هذه الحِراسَة الشديدة على السّماء لمنعِ الاستماع، أم أرادَ بهم ربُّهم خيراً وهدى.
وان الجن منهم الأبرارُ الصالحون، ومنهم دون ذلك ﴿ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً ﴾ وفرقاً شتّى وأهواءَ مختلفة.
وأنا أيقنّا أنا لن نُعجز اللهَ أينما كنّا في الأرض، ولن نُعجِزَه هَرَباً من قضائه، فإنّ الله قادرٌ علينا حيث كنّا.
وأما لما سَمِعْنا القرآن آمنّا به، فمن يؤمن بربِّه فلا يخافُ نَقْصاً من حَسَناته، ولا ظُلماً يلحقه أبدا.
وأنا فريقان : مسلمون مُقرون بالحق، وقاسِطون جائرون عادِلون عن الحق، فمن أسلمَ ﴿ فأولئك تَحَرَّوْاْ رَشَداً ﴾ وقصَدوا سبيلَ الحق، ﴿ وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً ﴾ يوم القيامة.
الى هنا انتهى كلام الجن. ثم عاد الحديث الى ذِكر ما أُوحيَ الى الرسول الكريم فقال تعالى :﴿ وَأَلَّوِ استقاموا عَلَى الطريقة لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً ﴾.
أوحى الله إلى الرسولِ الكريم ﷺ أنه لو استقام الانسُ والجنُّ على الحقّ والعملِ بشريعة العدل، ولم يَحِيدوا عنها - لأسقيناهم ماءً غزيرا، ولرزقناهم سَعة في الرزق ورخاءً في العيش. يقال سقاه و أسقاه. والفعلان وردا في القرآن الكريم.
ولنختبرهم، كيف يشكرون لله نِعمه عليهم.
﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾. أي عذاباً شديداً.
ومن يغيّر او يبدّل، ولا يتّبع أوامرَ الله ونواهيَه يُدْخِله اللهُ عذاباً شاقاً لا يطيقُ له حملا.
قراءات :
قرأ هل الكوفة ويعقوب : يسلكه بالياء. والباقون نسلكه بالنون.