ناضرة : حسنة مشرقة، متهللة بما ترى من النعيم. ناظرة : تنظر الى ربها. باسرة : عابسة كالحة. فاقرة : داهية عظيمة تكسر عظام الظهر. التراقي : جمع ترقوة، عظم في اعلى الصدر. من راق : من يرقيه وينجيه مما هو فيه. الفراق : فراق الدنيا والاحباب والاصحاب. التفّت الساق بالساق : التوت احدى الساقين على الأخرى عند نزع الروح. المساق : المرجع والمآب الى الله. يتمطى : يتبختر في مشيته تكبرا وخيلاء. أَولى لك فأَولى : هذه العبارة دعاء على العاصي المتكبر بمعنى ويل لك ثم ويل لك وهلاك لك ايها المكذب. سدى : مهملا لا يسأل. نطفة : ماء قليلا، و الجمع نطاف ونطف. يمنى : يراق ويصب في الارحام. علقة : قطعة دم جامد.
﴿ كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العاجلة. وَتَذَرُونَ الآخرة ﴾.
الخطاب هنا يعود لكل من انكر البعث والجزاء وآثر الدنيا ومتاعها، ولم يعمل للآخرة ليس الأمرُ كما تقولون من أنكم لا تُبعثون بعد مماتكم، بل أنتم تحبون الدنيا وملذّاتها، وتتركون الآخرةَ ونعيمها.
ثم وصف ما يكون يوم القيامة بأن الناس ينقسِمون الى فريقين : أبرار وجوهُهم مشرقة حسنة مضيئة تشاهد عليها نَضْرة النعيم، تنظُر الى ربها عِياناً بلا حجاب. ووجوه يومئذ كالحة شديدة العبوس، تتوقع ان تنزل بها داهية تقصم الظهر.
وبعد ذِكر اهوال القيامة، ووصفِ سعادة السعداء وشقاوة الاشقياء - بين ان للدنيا نهاية، وأن الموتَ مصيرُ كل الناس. وان الكافر أضاع الفرصةَ في الدنيا، فلا هو صدَّق بأوامر الدين ولا أدى فرائضه، وبين انه لا بدّ من الجزاء على صالح الأعمال وسيئها، وإلا تساوى المطيع والعاصي، وهذا خلافُ العدل، ولا يَليقُ بخالِق الكون العادل الحكيم. وانه كما قَدر على الخلق الأول وأوجدَ الانسانَ من منيّ يُمنَى، فأهون عليه أن يُعيده خَلقاً كما قَدر على الخلق الأول وأوجدَ الانسانَ من منيّ يُمنَى، فأهون عليه أن يُعيده خَلقاً آخر.
﴿ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التراقي وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الفراق ﴾
ازدجِروا وتنبهوا الى مصيركم وارتدعوا عن حب الدنيا التي تفارقونها، اذا بلغت الروح عظام النحر، وقال أهل الميت والحاضرون : هل هناك أحد يرقيه ويشفيه مما به؟ وأيقن المحتضر أنه مفارق الدنيا والأهل والمال والأصحاب وبلغت به الشدة اقصاها ﴿ والتفت الساق بالساق ﴾ فالتوت احداهما على الأخرى وخرجت الروح. ﴿ إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق ﴾ الى خالقك المرجع والمآب، فإما الى جنة واما الى النار ﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى ولكن كَذَّبَ وتولى ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يتمطى ﴾.
فما صدق هذا الجاحد بوحدانية الله، ولا أدى ما عليه من الصلوات، ولكن كذّب القرآن، فاعرض عن الايمان، وتولةى عن طاعة الله، ثم راح يمشي مشية تكبر وخيلاء افتخارا بما صنع.
﴿ أولى لَكَ فأولى ثُمَّ أولى لَكَ فأولى ﴾
ويل لك مرة بعد أخرى، وهذا تهديد ووعيد معناه أولاك الله ما تكرهه، والنار أولى بك وأجدر.


الصفحة التالية
Icon