نكّروا لها عرشها : غيِّروا فيه. صدّها : منعها. الصرح : كل بناء مرتفع. حسبته لجّة : ظننته ماء. ممرَّد : ذو سطح املس. من قوارير : من زجاج وتحته الماء.
وقال سليمان لجنده : نكِّروا لها عرشها ببعض التغيير في مظاهره. وسنرى هل تعرفه ام لا. فلما جاءت ورأت العرش قِيل لها : أهكذا عرشك؟ فقالت : كأنه هو. وقال سليمان وقومه :﴿ وَأُوتِينَا العلم مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ منقادين لله ولحكمه. وهذا قول اكثر المفسرين، وبعضهم يجعل عبارة :﴿ وَأُوتِينَا العلم مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ من قول بلقيس ويكون معنى الكلام : وأوتينا العِلم بكمال قدرة الله وصِدق نبوتك من قبلِ هذه المعجزة بما شاهدناه وبما سمعناه، وكنا منقادين لك من ذلك الحين.
ثم ذكر سبحانه ما منعها من إظهار ما ادّعت من الاسلام الى ذلك الحين فقال :
﴿ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ الله إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴾
ولقد صرفها عن عبادة الله ما كانت تعبده من آلهة غير الله تعالى، فانها كانت تعبد الشمس، وكانت من قوم كافرين.
﴿ قِيلَ لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ ﴾
ولما أرادت دخول الصرح والوصولَ الى العرش رأت ماءً يتموّج، فيه انواع من حيوان البحر ودوابه. فكشفت عن ساقيها لئلا تبتلّ أذيالها بالماء، كما هي عادة من يخوض الماء. فقال لها سليمان : إن ما تظنّينه ماءً ليس بالماء، بل هو صرح أملسُ مكوَّن من زجاج : فراعها ذلك المنظر، وعلمت ان مُلكها لا يساوي شيئا بجوار ملكِ سليمان، فقالت :﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ﴾.