وقع : حدث وحصل. القول : مجيء الساعة. فوجا : جماعة. يُوزَعون : يمنعون ويجمعون ويزجرون.
ان هذا الكتاب الذي أُنزل على محمد يبين لبني إسرائيلَ حقيقةَ ما جاء في التوراة من عقائدَ وأحكام وقصص، ويردّهم الى الصواب فيما اختلفوا فيه.
وهو مصدرُ هداية للمؤمنين، ورحمة لمن صدَّق به وعمل بما فيه، يرحمهم به الله من الشك والقلق والحَيرة.
وبعد ان ذكر فضله وشرفه أتبعه دليلَ عدله فقال :
﴿ إِن رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ وَهُوَ العزيز العليم ﴾
فهو يفصِل بين الناس جميعاً يوم القيامة بعدله، وهو العزيز الذي لا يُرَدُّ قضاؤه، العليم بأفعال العباد واقوالهم.
ثم امر رسوله الكريم ان يتوكل عليه وحده في جميع اموره، فانه كافيه كلَّ ما يهمه، وناصرُهُ على اعدائه، لأنه على الحق الواضح :﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّكَ عَلَى الحق المبين ﴾.
ثم يمضي في تسلية الرسول ﷺ وتأسيته على جموح القوم ولجاجهم في العناد واصرارهم على الكفر فيقول
﴿ إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعآء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ ﴾.
انك ايها الرسول لا تستطيع هدايتهم، لأنهم كالموتى في عدم الوعي، وكالصم في فقدان السمع فليسوا مستعدّين لسماع دعوتك، فلا أمل في استجابتهم للدعوة، ولا في قبولهم للحق.
ثم اكّد ما سلف وقطع اطماعه في ايمانهم فقال :
﴿ وَمَآ أَنتَ بِهَادِي العمي عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴾
ولا تستطيع ان تهديَ الى الحق من عميتْ ابصارُهم وبصائرهم، ولا يمكنك ان تُسمع الا من يقبل الايمان بآياتنا فانهم هم الذين يسمعون منك ويؤمنون برسالتك.
وبعد ان ذكر الله ما يدل على كمال علمه وقدرته، وأبان إنكان البعث والحشر والنشر، ثم فصّل القولَ في إعجاز القرآن الكريم، ونبه بذلك الى إثبات نبوة محمد لله - ذَكَرَ بعض أشراط الساعة، وبعض مشاهدها، ومقدِّمات القيامة وما يحدث من الاهوال حين قيامها، فذكر خروج دابةٍ تكلِّم الناسَ وتبين للذين لا يؤمنون بآيات ربهم أنهم على الباطل.
وانه حينئذ ينفخ في الصور فيفزع من في السموات والأرض الا من شاء الله فيثبتهم ويطمئنهم، وكل المخلوقات يأتون الى ربهم صاغرين.
قراءات :
قرأ ابن كثير : ولا يَسمع الصمُّ بفتح الياء ورفع الصم. والباقون : ولا تُسمع الصمَّ، بضم تاءِ تسمع ونصب الصم. وقرأ حمزة وحده : وما انت تهدي العُمْي.