وهكذا صدقت نبوءةُ القرآن الكريم عن غلبة الروم في أقلَّ من عشر سنين، وفي هذا اكبرُ دليلس على ان القرآن كتابُ الله، وان هذه النبوءة جاءت من لدن مهيمنٍ على كل الوسائيل والأحوال، ومَن بيده قلوبُ الناس وأقدارُهم.
﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله ﴾
فقد فرح المؤمنون بنصرهم في معركة بدر، وجاءتهم الأخبارُ في نفسِ التاريخ بنصرِ الروم على الفُرس، فكان ذلك فرحاً عظيماً بنصرهم على قريش، بوصدق نبوءةِ القرآن الكريم.
﴿ ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾
﴿ وَعْدَ الله لاَ يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾
ذلك النصرُ وعدٌ من الله للمؤمنين فلا بدّ من تحققه في واقع الحياة، فالله تعالى لا يُخلفُ وعده، ولكن اكثر الناس لا يعلمون، ولو بدا في الظاهر انهم يعرفون الكثير من امور الدنيا.
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الحياة الدنيا ﴾
ثم لا يتجاوزون هذا الظاهرَ ولا يرون ببصيرتهم ما وراءه. وظاهرُ الحياة الدنيا محدودٌ صغير، مهام بدا للناس واسعاً شاملا. فما هذه الأرض بل هذا النظام الشمسي بأجمعه - الا ذرةً في هذا الكون الكبير الذي لا نعرف عنه شيئا....
﴿ وَهُمْ عَنِ الآخرة هُمْ غَافِلُونَ ﴾
فالآخرة حياةٌ ثانية تختلف عن كل ما نرى وما نعلم، وهي صفحة من صفحات الوجود الكثيرة، وصاحبُ الحظ من تزوّد لها، وعمل لها الأعمال الصالحة، ﴿ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى ﴾.