{قل أتحاجوننا فِي الله وَهُوَ رَبنَا وربكم وَلنَا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم وَنحن لَهُ مخلصون (١٣٩) أم تَقولُونَ إِن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل أتحاجوننا فِي الله وَهُوَ رَبنَا وربكم﴾ والمحاجة: المجادلة بِالْحجَّةِ لإِظْهَار الْحق.
نزلت فِي الْيَهُود ونصارى نَجْرَان حَيْثُ حاجوا رَسُول الله وَقَالُوا: ديننَا أقدم من دينكُمْ وَكِتَابنَا أقدم من كتابكُمْ، فَنحْن أولى بِاللَّه مِنْكُم، فَنزل قَوْله: قل يَا مُحَمَّد ﴿أتحاجوننا فِي الله وَهُوَ رَبنَا وربكم﴾ أَي: نَحن وَأَنْتُم سَوَاء فِي الله فَإِنَّهُ رَبنَا وربكم.
(وَلنَا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم) أَي: نجازي بأعمالنا وتجازون بأعمالكم (وَنحن لَهُ مخلصون) يَعْنِي: كَيفَ تدعون أَنكُمْ أولى بِاللَّه وَنحن لَهُ مخلصون وَأَنْتُم بِهِ مشركون؟
قَوْله تَعَالَى ﴿أم تَقولُونَ﴾ يَعْنِي: أتقولون؟ والصيغة صِيغَة الِاسْتِفْهَام، وَمَعْنَاهُ التوبيخ يَعْنِي أتقولون (إِن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط كَانُوا هودا أَو نَصَارَى). وَذَلِكَ أَنهم ادعوا أَن هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء كَانُوا يهودا أَو نَصَارَى.
﴿قل أأنتم أعلم أم الله﴾ وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى قد أعلم الْمُسلمين أَنهم كَانُوا على الدّين الحنيفية وَمَا كَانَ يهودا وَلَا نَصَارَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما﴾.
﴿وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة عِنْده من الله﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ بِهِ أَن الله تَعَالَى قد أشهدهم فِي كتبهمْ عَليّ أَن إِبْرَاهِيم كَانَ على الدّين الحنيفية، وَلم يكن يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا؛ فَكَتَمُوا تِلْكَ الشَّهَادَة.
وَقيل أَرَادَ بِالشَّهَادَةِ على نعت مُحَمَّد.
﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ أَي: لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا تَعْمَلُونَ.
قَوْله تَعَالَى: (تِلْكَ أمة قد خلت) أَي: مَضَت {لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا