﴿أولي الْأَلْبَاب (١٩٧) لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن يَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فَإِذا أَفَضْتُم من عَرَفَات فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام واذكروه كَمَا هدَاكُمْ وَإِن كُنْتُم من قبله﴾ وَقَوله تَعَالَى: ﴿وتزودوا﴾ نزل فِي قوم من الْيمن، كَانُوا يخرجُون إِلَى الْحَج من غير زَاد ويسألون النَّاس الزَّاد، وَرُبمَا يُفْضِي الْحَال بهم فِي السَّلب والنهب، فَقَالَ: ﴿وتزودوا﴾ أَي: اخْرُجُوا مَعَ الزَّاد.
وَقَوله: ﴿فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى﴾ يَعْنِي: من السَّلب وَالسُّؤَال.
وَقَالَ سعيد بن جُبَير: تزودوا بالكعك والسويق.
وَقَالَ غَيره: وتزودوا بالخشكنانج، والسويق. وَقَوله تَعَالَى: ﴿واتقون يَا أولي الْأَلْبَاب﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم﴾ فِي سَبَب نزُول هَذَا قَولَانِ: أَحدهمَا: مَا روى عَن أبي أُمَامَة التَّيْمِيّ أَنه قَالَ: قلت لِابْنِ عمر: إِنَّا نكرى فِي هَذَا الْوَجْه يَعْنِي إِلَى مَكَّة وَالنَّاس يَقُولُونَ: لَا حج لكم، فَقَالَ ابْن عمر: أَلَسْت تقف؟ أَلَسْت تسْعَى؟ أَلَسْت تَطوف؟ قلت: نعم. فَقَالَ: لَك حج. وروى ابْن عمر " أَن رَسُول الله سُئِلَ عَن ذَلِك، فَلم يجب بِشَيْء حَتَّى نزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة ".
وَالثَّانِي: قَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أسواق يُقَال لَهَا عكاظ، والمجنة، وَذُو الْمجَاز، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتجرون مِنْهَا، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام كَانَ الْمُسلمُونَ يتحرجون عَن التِّجَارَة فِي تِلْكَ الْأَسْوَاق، فَنزل قَوْله: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم﴾ يَعْنِي: بِالتِّجَارَة فِي تِلْكَ الْأَسْوَاق.
وَقَرَأَ ابْن الزبير: فضلا من ربكُم فِي مواسم الْحَج.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَإِذا أَفَضْتُم من عَرَفَات﴾ أما عَرَفَات: سمى بذلك؛ لِأَن