﴿رَحِيم (١٩٩) فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا﴾ جمعا بَين الْحكمَيْنِ.
وَقيل: تَقْدِيره: ثمَّ أَمركُم أَن تفيضوا من عَرَفَات. وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب﴾ (وَإِنَّمَا آتَاهُ الْكتاب قبل مُحَمَّد لَكِن مَعْنَاهُ ثمَّ أخْبركُم أَنا آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب)، كَذَلِك هَاهُنَا، فَيكون عمل " ثمَّ " فِي الْأَمر لَا فِي الْإِفَاضَة.
وَأما الْكَلَام فِي الْمَعْنى: قيل: إِن قُريْشًا وأحلافهم كَانُوا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ نَحن أهل حرم الله فَلَا نخرج من حرم الله. لِأَن عَرَفَات كَانَت فِي الْحل، وَأما سَائِر الْعَرَب كَانُوا يقفون بِعَرَفَات.
فَقَوله: ﴿ثمَّ أفيضوا﴾ خطاب لقريش، يَعْنِي: قفوا بِعَرَفَات، وأفيضوا مِنْهَا ﴿من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس﴾ يَعْنِي: سَائِر الْعَرَب.
وَقيل أَرَادَ بِالنَّاسِ فِي قَوْله: ﴿من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس﴾ إِبْرَاهِيم، وَقد يُسمى الْوَاحِد نَاسا، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ وَأَرَادَ بِهِ: نعيم ابْن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَحده.
وَقَرَأَ الضَّحَّاك، وَسَعِيد بن جُبَير ﴿من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس﴾ يَعْنِي: آدم عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم﴾ يَعْنِي: فَرَغْتُمْ من الْمَنَاسِك، وَذَلِكَ عِنْد رمي جَمْرَة الْعقبَة والاستقرار بمنى، وَقَوله: ﴿فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم﴾


الصفحة التالية
Icon