﴿الغي فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه فقد استمسك بالعروة الوثقى لَا انفصام لَهَا وَالله سميع عليم (٢٥٦) الله ولي الَّذين آمنُوا يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور﴾ فَنزلت الْآيَة ". ﴿لَا إِكْرَاه فِي الدّين﴾ فَمن شَاءَ مِنْهُم أَن يدْخل فِي الْإِسْلَام، فَلْيدْخلْ وَمن لم يَشَأْ فَلَا إِكْرَاه فِي الدّين.
وَقَالَ الشّعبِيّ: هَذَا فِي أهل الْكتاب لَا يجبرون على الْإِسْلَام إِذا بذلوا الْجِزْيَة.
وَفِيه قَول ثَالِث: أَنه كَانَ فِي الِابْتِدَاء، ثمَّ صَار مَنْسُوخا بِآيَة الْقِتَال.
وَقَوله: ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾ أَي: الْحق من الْبَاطِل، وَالْإِيمَان من الْكفْر.
وَقَوله: ﴿فَمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بِاللَّه﴾ الطاغوت: هُوَ الشَّيْطَان، وينطلق على الْوَاحِد وَالْعدَد. وَقيل: كل مَا يعبد من دون الله فَهُوَ طاغوت.
وَأما الطاغوت فِي قَوْله: ﴿يُرِيدُونَ أَن يتحكموا إِلَى الطاغوت﴾ هُوَ كَعْب بن الْأَشْرَف خَاصَّة.
وَقَوله: ﴿فقد استمسك بالعروة الوثقى لَا انفصام لَهَا﴾ العروة: الْكوز والدلو. وَالْمرَاد هَاهُنَا بالعروة الوثقى: العقد الوثيق الْمُحكم فِي الدّين.
قَالَ ابْن عَبَّاس: أَرَادَ بِهِ كلمة لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ مُجَاهِد: أَرَادَ بِهِ الْإِسْلَام. وَقيل: هُوَ الْقُرْآن وَمَعْنَاهُ: فقد تمسك بتمسك.
﴿لَا انفصام لَهَا﴾ أَي: لَا انْقِطَاع لَهَا ﴿وَالله سميع﴾ بدعائك إيَّاهُم إِلَى الْإِسْلَام ﴿عليم﴾ بحرصك على إسْلَامهمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله ولي الَّذين آمنُوا﴾ يَعْنِي: الْقيم عَلَيْهِم بالنصر والمعونة والمثوبة.
وَقَوله: ﴿يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور﴾ يَعْنِي: من الْكفْر إِلَى الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا سمى الْكفْر ظلمات؛ لِأَن طَرِيق الْكفْر مشتبه ملتبس. وَإِنَّمَا سمى الْإِسْلَام نورا لِأَن طَرِيقه بَين وَاضح.


الصفحة التالية
Icon